يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه: «إن مستقبل التعليم في دولة الإمارات يشكل أولويتنا القصوى ومحور اهتمامنا ورهاننا للمستقبل».

ويقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، حفظه الله ورعاه: «التعليم سيبقى أولوية برؤية رئيس الدولة، وبجهود فريق عمل حكومي متخصص، وبميدان تربوي فاعل ومتفاعل، وبمجتمع وأولياء أمور مساهمين بتنشئة جيل يصل بنا لآفاق مستقبلية جديدة».

في وقفة التأمل، وبمراجعة نتائج جلسة التوجهات المستقبلية في قطاع التعليم، والتي عقدت ضمن أعمال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات، الأسبوع الماضي، والتي شهدت أيضاً حضوراً ومشاركة فاعلة محفزة من سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية، ولأننا في دولة الإمارات العربية المتحدة، فنحن لسنا في دولة أقوال بل أفعال حقيقية توضحها نتائج جميع الإنجازات التي تحققت على مدار الواحد والخمسين عاماً.

وفي كافة المجالات، فإنه يمكننا أن نؤمن بأن «التوجهات الاستراتيجية لقطاع التعليم»، كما أكدها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، والتي تهدف إلى «تعزيز مستقبل الإمارات وتنافسيتها في مختلف المجالات عبر خلق جيل واع ومتمكن بالمعرفة والمهارات المتقدمة، بما يدعم الاقتصاد الوطني ويلبي طموحات الدولة»، سوف تصيب أهدافها، ليس فقط بتعاون الجهات الرسمية والمؤسسات، بل بمشاركة مجتمعية فاعلة أيضاً، حيث دعا سموه جميع فئات المجتمع من المعلمين والقيادات مدرسية، وأولياء الأمور والطلبة والشباب، والعاملين في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، ليكونوا شركاء في عملية تطوير مستقبل التعليم في الإمارات.

المشاركة المجتمعية، لتحقيق التوجهات الاستراتيجية لقطاع التعليم في دولة الإمارات، كانت في الماضي تقتصر على سؤال الأب عن أحوال تعليم أبنائه، ومتابعة الأم لما يجري في المدرسة. وأذكر أنه منذ أيام المناهج الكويتية، في سبعينيات القرن الماضي، ثم مناهج وزارة التربية والتعليم ومحاولات تطوير المناهج، لم تحظ الأسرة الإماراتية بأن تقول كلمتها أو تشارك في عمليات التطوير والتحديث، سواء على صعيد توجيه الطلبة من قبل الأسرة أو عبر مجالس أولياء الأمور، ولا شك في أن الجميع لاحظ خلال السنوات العشر الماضية، منذ تطور وسائل الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي، أن المشاركة المجتمعية توقفت عند نقد قطاع التعليم وجدل غير منتج على مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك وغيرها.

يجب على الأسرة الإماراتية، في ظل وجود توجهات استراتيجية لقطاع التعليم، أن تعيد حساباتها في طريقة المشاركة الحقيقية لتحقيق النقلة النوعية المتوخاة، حسب رؤية صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، وعدم التوقف عند النقد غير البناء للمدارس الحكومية وآليات ووسائل التعليم، فالبعض ينظر إلى خريجي المدارس الخاصة بأنهم يحصلون على التفوق من الجامعات المحلية والدولية، ليس بسبب المناهج فحسب، بل لأسباب عديدة أخرى تتعلق بتأهيل الطلبة، بوقت مبكر، على ممارسة النشاطات غير المنهجية كالرياضة والرحلات وحضور الفعاليات والمسرح وغيرها، إضافة إلى مستوى المعلمين والمشرفين والكادر التربوي والتعليمي، ولأن مشاركة الأسرة في كل ذلك تكون فاعلة؛ بسبب حرص الأب والأم على أن يتلقى أبناؤهم أفضل شيء ممكن في ظل المبالغ التي يدفعونها للمدارس الخاصة.

نموذج المشاركة المجتمعية، للأهل والأسرة والأب على وجه التحديد، يتمثل في النموذج الإماراتي الذي وعد به سمو الشيخ عبدالله بن زايد حين قال: «بدأت بنفسي تجربة واقعية بإرسال أبنائي للالتحاق بمدرسة حكومية، وسأتابع تطورهم، ما لا أقبله في تعليم أبنائي لن نقبله لأبناء شعب الإمارات».

وهذه المتابعة الشخصية التي يتحدث عنها سموه، ستشمل متابعة الأب لمناهج الدراسة ومستوى المعلمين، وكذلك الهيئة الإدارية والتعليمية، والنشاطات غير المنهجية التي تؤسس في الطالب عقلاً سليماً كالرياضة، مثل الجمباز وكرة القدم واليد والطائرة والسلة وغيرها، فالعقل السليم في الجسم السليم.

وأذكر كيف كان المدربون في المدارس سابقاً هم كشافة للأندية، وكان الشباب كلهم حيوية ورشاقة، بينما اليوم نرى مشكلة السمنة والزيادة في الوزن والافتقاد للمهارات الحركية، وانشغال الأولاد بشكل مفرط في ألعاب الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي يجب أن تضع لها المشاركة الأسرية حداً قبل فوات الأوان.

لتفعيل مشاركة الأسرة في تحقيق التوجهات الاستراتيجية لقطاع التعليم نأمل أن يكون هناك هيئة أو مجلس أعلى لأولياء أمور الطلبة متصل بمجلس أولياء الأمور في المدارس، يتولى سماع رأي الأسرة لكل طالب في المدارس الحكومية في المناهج والعملية التربوية، ويوجه أيضاً المجالس الصغرى في المدارس لمتابعة دور كل أسرة ونشاطاتها اليومية لتحقيق التوجهات الاستراتيجية بشكل فعال، وتحقيق رؤية صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، بأن الأسرة الإماراتية تشارك مشاركة فاعلة في مستقبل التعليم، ويشكل لديها أولوية قصوى.

* لواء ركن طيار متقاعد