لعقود من الزمان، كان الفكر الاقتصادي المحافظ حول مزايا السوق الحرة هو السائد في الفقه الأميركي، ويغذيه علماء في أماكن مثل جامعة شيكاغو وجامعة جورج ميسون. وتتطلع جامعة يوتا إلى تغيير ذلك.

ومن خلال مبادرة جديدة يُطلق عليها اسم «مشروع يوتا لمكافحة الاحتكار وحماية المستهلك»، تريد الجامعة أن تكون مركزاً للفكر الاقتصادي التقدمي وصنع السياسات على الرغم من أن مقرها في ولاية تشتهر بسياساتها المحافظة. وقال هال سينجر، مدير المشروع، والذي يعمل أيضاً خبيراً اقتصادياً في قضايا مكافحة الاحتكار وأستاذاً بالجامعة: «نحاول تأسيس نوع جديد من التفكير.

فالأسواق ليست مثالية دائماً. هناك أفكار أخرى بجانب الفكرة التي مفادها (لا تفعل شيئاً ولا تحرك ساكناً وستقوم الأسواق بحل كل شيء)». قد تبدو ولاية يوتا مكاناً غير متوقع لاستضافة مثل هذا المشروع. فقد فاز جميع أعضاء مجلس النواب «الجمهوريين» الأربعة بما لا يقل عن 60% من الأصوات هذا الشهر، ولم يفز أي «ديمقراطي» بمنصب على مستوى الولاية منذ عام 1985. لكن يوتا، وهي موطن شركتين فقط في مؤشر سالندرد آند بورز 500، لديها تقليد في معارضة هيمنة الشركات. ويتضمن دستورها بنداً يدعم السوق الحرة «لتعزيز تشتت القوة الاقتصادية والسياسية». كما لعبت الولاية دوراً في قضايا مكافحة الاحتكار البارزة ضد عمالقة التكنولوجيا.

في التسعينيات، كانت شركة البرمجيات «نوفيل»، ومقرها بروفو بولاية يوتا، من بين الشركات التي اشتكت من شركة مايكروسوفت. وفي قضية الاحتكار الملحمية لوزارة العدل، يقود المدعي العام في ولاية يوتا حالياً واحدةً من ثلاث دعاوى ضد الاحتكار ضد شركة جوجل ألفابت. ويعد عضو مجلس الشيوخ عن ولاية يوتا، مايك لي، والذي أعيد انتخابه، هو أكبر جمهوري في لجنة مكافحة الاحتكار التابعة للجنة القضائية بمجلس الشيوخ. إن لي، الذي رفض التعليق على مشروع يوتا، هو بالكاد تقدمي في الأمور الاقتصادية، لكنه كان ينتقد التراخي في تطبيق مكافحة الاحتكار، لا سيما بالنسبة لعمالقة التكنولوجيا.

تبلور مشروع يوتا في مؤتمر مكافحة الاحتكار في الجامعة لعام 2019، حيث تمت صياغة بيان بعنوان «بيان يوتا». ومنذ ذلك الحين، انضم اثنان من واضعي البيان إلى إدارة الرئيس جو بايدن: تيم وو، مستشاراً للبيت الأبيض بشأن التكنولوجيا وسياسة المنافسة، ولينا خان، رئيسةً للجنة التجارة الفيدرالية. إلى جانب جوناثان كانتر، وهو ناقد قديم لشركة جوجل، ورئيس مكافحة الاحتكار بوزارة العدل، يُعتبر هؤلاء ناشطون يحاولون إعادة الإنفاذ إلى جذوره التي تمنع الاحتكار. خلال كلمة رئيسة في ندوة مشروع يوتا الشهر الماضي، تعهدت «خان» بإحياء قوانين مكافحة الاحتكار الخاملة، مثل قانون روبنسون باتمان لعام 1936 الذي يحظر التمييز في الأسعار من قبل الموردين. وقالت لحوالي 100 من الأكاديميين والمحامين والاقتصاديين وكبار مسؤولي مكافحة الاحتكار في إدارة بايدن، ممن حضروا ندوة سولت ليك سيتي: «إنني معجبة بما تتطلعون إليه جميعاً».

وقال مارشال شتاينباوم، خبير اقتصادي بجامعة يوتا يدرس المنافسة والعمل، إن الهدف هو تعزيز الأفكار التقدمية خارج إدارة بايدن. وأضاف: «هذه حقاً عملية تستغرق 20 أو 30 أو 40 عاماً». ويخطط المشروع، وهو جهد مشترك بين أقسام الاقتصاد والقانون بالجامعة، لتمويل الأبحاث ونشر الكتابات القانونية واستضافة الأنشطة، بما في ذلك بعض الأنشطة التي تهدف إلى إقناع القضاة بدعم تحديات مكافحة الاحتكار الأكثر عدوانيةً لعمليات الاندماج.

وقد أطلق المشروع مجلة «ذا سلينج» على الإنترنت، في إشارة إلى السلاح الذي استخدمه ديفيد للتعليق على مكافحة الاحتكار، ويأمل في إنشاء مجلة قانونية للكتابات الأكاديمية الأطول.

والفكرة هي توفير ثقل موازن لفلسفات جامعة شيكاغو وكلية الحقوق «أنطونين سكاليا» في جامعة جورج ميسون.وتعد الفجوة الأكثر وضوحاً بين التقدميين ووجهة النظر السائدة لتطبيق مكافحة الاحتكار، والتي ظهرت من مدرسة شيكاغو، هي معيار رفاهية المستهلك. يستخدم هذا النهج الزيادات في أسعار المستهلك لقياس الضرر التنافسي. يقول منتقدو هذا الرأي إن التركيز على أسعار المستهلك أعاق منفذي القانون في العصر الرقمي، على سبيل المثال، عندما كان الأمر يتعلق بمراقبة شركات التكنولوجيا التي غالباً ما تكون منتجاتها مجانية.

قال كريستوفر بيترسون، أستاذ القانون بجامعة يوتا، إن صناعات التكنولوجيا والبنوك والتكنولوجيا الحيوية المزدهرة في ولاية يوتا، والتي ساعدت في زيادة عدد السكان بنسبة 49% منذ عام 2000 إلى 3.34 مليون نسمة - تجعلها موقعاً مثالياً لتحدي الآراء التقليدية بشأن الاقتصاد والأعمال. وأضاف بيترسون، وهو ديمقراطي ترشح لمنصب الحاكم في عام 2020، «هذا مكان يمكننا التحدث فيه عن أفكار جديدة».

ليه نايلين*

*كاتبة صحفية لدى «بلومبيرج».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست نيوز سينديكيت»