بعد عشرة أيام من إطلاقها من مركز كينيدي للفضاء، دخلت مركبة أوريون الفضائية التابعة لوكالة ناسا يوم الجمعة قبل الماضي في مدار بعيد حول القمر، لتكمل إنجازاً كبيراً آخر في مهمة يقول مسؤولو وكالة الفضاء إنها سارت بشكل جيد للغاية حتى الآن. أطلقت «أوريون» صواريخها في الساعة 4:52 مساءً بالتوقيت الشرقي لمدة دقيقة ونصف، لتضع المركبة في مدار على ارتفاع 40.000 إلى 50.000 ميل فوق سطح القمر. سيضع هذا المدار أوريون على طريق لتحطيم الرقم القياسي لأبعد مسافة من الأرض تقطعها مركبة فضائية مصممة لنقل البشر إلى الفضاء السحيق والعودة بأمان إلى الأرض.

وقالت ناسا في بيان إن المركبة أبولو 13 سجلت الرقم القياسي الحالي البالغ 248655 ميلاً في عام 1970. يجب أن تتجاوز أوريون ذلك في الساعة 7:42 صباحاً بالتوقيت الشرقي يوم السبت 3 ديسمبر الجاري.

ومن المتوقع أن تصل مركبة «أوريون» الفضائية إلى أقصى مسافة لها تزيد على 270 ألف ميل من الأرض في الساعة 4:13 مساءً بالتوقيت الشرقي يوم الاثنين الماضي، وفقاً لوكالة ناسا. سيسمح المدار البعيد، الذي يتطلب القليل من الوقود للمحافظة عليه، لأوريون باختبار أنظمتها.

ومع ذلك، فإن المدار شاسع جداً لدرجة أن المركبة ستكمل حوالي نصف مدار فقط في ستة أيام قبل أن تبدأ رحلة العودة إلى الأرض. تعد الرحلة، التي انطلقت من دون أي رواد فضاء على متنها، هي الأولى في برنامج «أرتميس» التابع لناسا، والذي يسعى لإعادة رواد الفضاء إلى سطح القمر لأول مرة منذ بعثات أبولو في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات.

وباستخدام الكاميرات المثبتة على السطح الخارجي للمركبة الفضائية، كانت «أوريون» تبث صوراً مثيرة وفيديوهات حية من رحلتها، بما في ذلك صور مذهلة للأرض، حيث شوهدت معلقة في مسافة تبعد بأكثر من 200000 ميل، في الظلام الدامس والشاسع للفضاء.

إذا سارت المهمة الحالية، المعروفة باسم (أرتيميس 1)، على ما يرام، تخطط وكالة «ناسا» للقيام برحلة ثانية، ولكن هذه المرة مع رواد فضاء على متنها، في أقرب وقت في عام 2024. تلك المهمة ستدور أيضاً حول القمر، ويأتي بعد ذلك هبوط مع وجود بشر.

ويرى مايك سارافين، مدير مهمة أرتيميس 1 في ناسا أن المهمة تستمر في المضي قدماً كما خططنا لها، وتستمر الأنظمة الأرضية وفرق عملياتنا ومركبة أوريون الفضائية في تجاوز التوقعات، وما زلنا نتعلم على طول الطريق عن هذه المركبة الفضائية العميقة الجديدة. وأوضح أن صاروخ نظام الإطلاق الفضائي، وهو أقوى من صاروخ ساتورن الخامس من عصر أبولو، كان أداؤه جيداً لدرجة أن النتائج كانت «مذهلة». بعد أن تكمل المركبة أوريون نصف مدار حول القمر، ستقذف نفسها حول القمر باتجاه الأرض.

سيأتي أحد الاختبارات الرئيسية عندما تعيد المركبة الفضائية الدخول في الغلاف الجوي للأرض، حيث تسافر بسرعة حوالي 25000 ميل في الساعة. ينتج عن الاحتكاك مع الهواء الكثيف درجات حرارة تصل إلى 5000 درجة فهرنهايت.

ومن المتوقع أن تهبط المركبة الفضائية في المحيط الهادئ قبالة سواحل سان دييجو في الحادي عشر من شهر ديسمبر. على الرغم من عدم وجود رواد فضاء حقيقيين على متن مهمة أرتيميس 1، إلا أن هناك دمية اختبار تُدعى «Moonikin Campos» تركب في مقر قائد مركبة أوريون الفضائية. وهي مُجهزة ببدلة وأجهزة استشعار لتقديم ملاحظات حول ما ستكون عليه الرحلة بالنسبة لرواد الفضاء في المستقبل. ويحتوي المقعد الذي تم تثبيت الدمية عليه مستشعرين لتسجيل التسارع والاهتزاز، وتحتوي البدلة الفضائية على أجهزة استشعار لتسجيل مستويات الإشعاع.

وقد تم اختيار اسم «Moonikin» من خلال مسابقة عامة. وتم اختيار«Campos» تكريماً لأرتورو كامبوس، مهندس ناسا السابق الذي لعب دوراً رئيسياً أثناء استعادة مركبة الفضاء أبولو 13 بعد أن فشلت المهمة. أما جذعا الدمية، واسمهما زوهار وهيلجا، فهما مصنوعان من مواد تقول وكالة ناسا «تحاكي العظام البشرية وجسد أنثى بالغة». (إذ يُعتقد أن النساء أكثر حساسية للتعرض للإشعاع من الرجال). وعلى الجذعين، هناك أجهزة استشعار لقياس الإشعاع أيضاً. زوهار لديه سترة إشعاعية، لكن هيلجا ليست كذلك.

*كاتب أميركي متخصص في شؤون الفضاء.

 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست نيوز سينديكيت»