طه حسيب (أبوظبي)

 

  • «كوب 15» في مونتريال
    رئيس الوزراء الكندي خلال «كوب 15» في مونتريال. 

 

علاقة وثيقة بين تغير المناخ واختلال التنوع البيولوجي، وتلك قناعة أكدتها «إليزابيث ماروما مريما» الأمين التنفيذي لاتفاقية التنوع البيولوجي، الموضوعان مرتبطان ارتباطاً جوهرياً، ولهذا السبب وصفت «مريما» قمة COP15 بأنها «لحظة باريس للتنوع البيولوجي»، أي أنها على درجة من الأهمية لاتفاقية باريس للمناخ كونها حققت طفرة نوعية في التزام دول العالم بالحد من الانبعاثات ضمن وعي عالمي متزايد بتحديات التغير المناخي. وستعقد قمة COP15 في مدينة مونتريال الكندية خلال الفترة من 7 إلى 19 ديسمبر الجاري، لتكون التجمع الدولي الأكبر منذ 10 سنوات من أجل إبرام صفقة بشأن حماية الطبيعة. (COP15) اختصار للاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، التي أُبرمت في البرازيل خلال قمة ريو دي جانيرو عام 1992 ووقعت عليها 196 دولة.


 

حماية التنوع البيولوجي لا تعني فقط حماية النباتات والحيوانات والكائنات الدقيقة والنظمة البيئية بل إنها ضرورية لتحقيق الأمن الغذائي وضمان الهواء النقي والمياه والمأوى الصحي. أسباب المشكلة فقدان التنوع البيولوجي يعود إلى أسباب واضحة من بينها: تغيير استخدام البحر والأرض، والإفراط في استخدام الكائنات الحية، والتلوث والتغير المناخي، وتفعيل أساليب استهلاك وإنتاج غير مستدامة.

ويتسبب الزحف الحضري وسوء استخدام الأرض في 80% من فقدان التنوع البيولوجي بمعظم المناطق. اهتمام في G20 خلال ترؤس المملكة العربية السعودية لقمة مجموعة العشرين، دفعت الرياض بقضايا البيئة ضمن أجندة القمة، ودعت المملكة آنذاك لدعم جهود الحفاظ على الشعاب المرجانية وزيادة حجمها على الصعيد العالمي بنسبة 10%.

الصين تترأس COP15

مدينة كونمينغ الصينية كان من المفترض أن تستضيف قمة COP15 في أكتوبر 2020 لكن تم تأجيل الانعقاد 4 مرات جراء جائحة كوفيد-19، علماً بأن الصين افتتحت القمة رسمياً في أكتوبر 2021 عبر الإنترنت، وفي يونيو الماضي، أعلنت أمانة اتفاقية التنوع البيولوجي أن الجزء الرئيس من فعاليات القمة سينعقد في مونتريال الكندية، وستظل الصين هي الرئيس الرسمي للاجتماع، من خلال وزير البيئة الصيني «هوانج رونكيو».

وبحضور علماء متخصصين وصحفيين وقادة الأعمال ومنظمات المجتمع المدني، سيكون محور الاهتمام حماية التنوع البيولوجي ووضع حد للتعدي على الطبيعة، خاصة أن مليون نوع بات معرضاً لخطر الانقراض. وحسب «المنتدى الاقتصادي العالمي»، تعتمد الأعمال التجارية على الطبيعة أكثر مما كان يُعتقد سابقًا، مع ما يقرب من 44 تريليون دولار من القيمة الاقتصادية التي يتم توليدها بشكل معتدل أو اعتمادًا كبيرًا على الطبيعة.

من دون التنوع البيولوجي يصبح كوكبنا غير صالح للسكن، كونه يدعم أنظمة إنتاج الغذاء ويحافظ على جودة الهواء والتربة ويوفر التلقيح ويكافح الآفات ويمتص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. هدف جوهري وخلال أقل من أسبوعين تضع قمة COP15 هدفاً جوهرياً يتمثل في اعتماد إطار متفق عليه دولياً، (الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد 2020)، من أجل العيش في وئام مع الطبيعة، وتفعيل رؤية تتطلع بحلول عام 2050 لتقييم التنوع البيولوجي وحفظه واستعادته واستخدامه بحكمة، والحفاظ على خدمات النظام البيئي من أجل كوكب صحي.

الهدف الرئيس لمؤتمر مونتريال هو اعتماد إطار عالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020. تتوسع خريطة الطريق هذه في الأطر التي تم وضعها في الاجتماعات السابقة، بما في ذلك أهداف أيشي لعام 2010. كما ذكرت الأمم المتحدة، فشلت الدول في تحقيق أي من أهداف أيشي بحلول عام 2020، على الرغم من تحقيق ستة أهداف جزئيًا. أزمة «طبيعة» التنوع البيولوجي في خطر، حسب تإكيدات الخبراء، والسبب يكمن في الأنشطة البشرية، خاصة الصيد الجائر، وتغيير الأرض، حيث تختفي الأنواع من الكوكب بمعدل 50 إلى 100 ضعف المعدل التاريخي، وتصف الأمم المتحدة هذا التراجع بأنه «أزمة طبيعة».

رؤية أندرسون والأسباب الخمسة

  • «كوب 15» في مونتريال.. صناعة السلام مع الطبيعة

 

وقبيل انطلاق فعاليات مؤتمر الأطراف للتنوع البيولوجي في مدينة مونتريال الكندية، أكدت «إنجر أندرسن» المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة، «أننا في حالة حرب مع الطبيعة. نحن بحاجة لصنع السلام مع الطبيعة لأنها تحافظ على كل شيء على الأرض». وشددت أندرسن على أن النص النهائي لأي اتفاق في مونتريال يجب أن يتناول الأسباب الخمسة لفقدان التنوع البيولوجي: تغيير استخدام الأراضي، الاستغلال المفرط، والتلوث، وأزمة المناخ، وانتشار الأنواع الغازية.

التنوع البيولوجي للتربة

وخلال كلمة نشرتها الأمانة التنفيذية لاتفاقية التنوع البيولوجي، أشارت «إليزابيث مريما» إلى أن التنوع البيولوجي للتربة أمر حيوي لصحتنا وإمداداتنا الغذائية، كونه يوفر العديد من وظائف النظام البيئي والخدمات الضرورية للحفاظ على إنتاج الغذاء، لكن للأسف، 90% من التربة السطحية الثمينة للأرض من المحتمل أن تكون في خطر بحلول عام 2050 (منظمة الأغذية والزراعة).

 

وحسب «مريما»، فإن معظم التهديدات التي يتعرض لها التنوع البيولوجي للتربة ناتج عن الأنشطة البشرية، بما في ذلك إزالة الغابات والزحف الحضري، والتكثيف الزراعي وفقدان المواد العضوية، وزيادة الكربون في التربة، وانضغاط التربة والتلوث من بين أمور أخرى. ويجب أن نتحرك الآن من أجل استعادة التنوع البيولوجي للتربة والحفاظ عليه. ولدى «مريما» قناعة بأن المعارف التقليدية للشعوب الأصلية والمحلية تسهم في الحفاظ على التربة واستعادتها واستخدامها المستدام، ومن الضروري اتخاذ إجراءات من جانب جميع أصحاب المصلحة للاعتراف بدور النساء والشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية في تنفيذ ممارسات الإدارة المستدامة للتربة.

وأشارت «مريما» إلى أنه خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، COP 15، ستناقش الدول الأطراف في الاتفاقية العمل العالمي من أجل الحفظ والاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي للتربة. سيكون هذا أمرًا حيويًا في استكشاف خيارات الاستخدام المستدام للأراضي لتنفيذ إطار التنوع البيولوجي العالمي لما بعد عام 2020. وسيساعد إطار العمل في رفع مستوى النظم الغذائية المستدامة على جدول الأعمال العالمي، من خلال: ضمان الإدارة الزراعية المستدامة، والحد من التلوث واستخدام مبيدات الآفات وفقدان المغذيات، وضمان الفوائد للناس، وتشجيع الخيارات المسؤولة والحد من هدر الطعام والإفراط في استهلاكه، والحفاظ على التنوع الجيني، بما في ذلك مراقبة عدد الموارد الوراثية النباتية للغذاء والزراعة. التربة هي المكان الذي يبدأ فيه طعامنا، وعلينا حماية التنوع البيولوجي للتربة لأنه بدونها، فإن أمننا الغذائي لن يكون مهدداً فحسب بل ربما نفقده. وكما قال فرانكلين دي روزفلت، «الأمة التي تدمر تربتها تدمر أرضها».

محطات مهمة

وفي يناير 2000 انبثق عن اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي «بروتوكول قرطاجنة للسلامة الأحيائية»، ودخل حيز التنفيذ بتاريخ 11 سبتمبر 2003. البروتوكول ملحق لاتفاقية التنوع البيولوجي، ويهدف إلى ضمان سلامة التعامل مع الكائنات الحية التي تم تعديلها وراثياً ونقلها واستخدامها. وتعمل الأمم المتحدة للبيئة في شراكة مع مرفق البيئة العالمية واتفاقية التنوع البيولوجي لمساعدة الأطراف في بروتوكول قرطاجنة على الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق. وجاء بروتوكول ناغويا الصادر في 29 أكتوبر 2010 مكملاً لبروتوكول قرطاجنة للسلامة الأحيائية، ودخل حيز التنفيذ عام 2014..

«أهداف أيشي» للتنوع البيولوجي

بمدينة ناغويا اليابانية، اتفق المجتمع الدولي في عام 2010 على الخطة الاستراتيجية للتنوع البيولوجي، وآنذاك ظهر 20 هدفاً من «أهداف أيشي» للتنوع البيولوجي، والتي تتضمن أهدافاً استراتيجية وبنوداً واضحة، فمن بين أهم الأهداف: معالجة أسباب خسارة التنوع البيولوجي على الصعيدين الحكومي والمجتمعي، وهذا يتطلب زيادة الوعي العام بأهمية التنوع البيولوجي، ودمج التنوع البيولوجي ضمن استراتيجيات التنمية المحلية ومكافحة الفقر. ومن بين أهداف «أيشي» العشرين: تخفيف الضغوط المباشرة على التنوع البيولوجي وتعزيز الاستخدامات المستدامة، وتحسين حالة التنوع البيولوجي بحماية الأنظمة البيئية، وتتضمن البنود حماية الأنواع المهددة بالانقراض، وحشد المواد المالية لتعزيز الاستدامة، والإنتاج والاستهلاك بطريقة مستدامة، والتخلص التدريجي من طرق الدعم الضارة بالتنوع البيولوجي أو تعديلها وإصلاحها. وتكمن المعضلة في «أهداف أيشي» في عدم قابليتها للقياس الكمي، ومن ثم يصعب رصد الالتزام بها.

(30x30)

طموحات القمة تبحث في إمكانية حماية 30 في المائة من مناطق اليابسة والبحر على كوكب الأرض بحلول عام 2030، خاصة المناطق التي لها أهمية خاصة للتنوع البيولوجي. كما توجد مجموعة من الأهداف العملية التي ينبغي تحقيقها قبل عام 2030 تتعلق بالحد من التلوث وتوسيع المناطق المحمية وضمان استدامة إنتاج الغذاء والقضاء على التلوث البلاستيكي. القمة كما تقول إليزابيث مريما، «الفرصة الأخيرة» لتجنب الانقراض الجماعي للعديد من الأنواع من خلال جعل البلدان تتبنى ممارسات تتناغم مع الطبيعة.

ربما تكون النتيجة الأكثر أهمية هي الاتفاق على اقتراح لحماية 30 في المئة من اليابسة والبحر بحلول عام 2030 (المعروف باسم 30x30). فقط نحو 17في المئة من الأراضي و7 في المئة من المحيطات محمية حاليًا. وخلال قمة المناخ COP26 في جلاسكو2021 وقّع قادة العالم على تعهد لحماية الطبيعة من أجل وقف اختلال التنوع البيولوجي ووضع حد لتدهور النظم البيئية، وذلك تأكيداً لاستنتاج مفاده أن فقدان التنوع البيولوجي يؤدي إلى تفاقم التغير المناخي، من خلال إضعاف قدرة الطبيعة على عزل الكربون أو تخرينه.

الاهتمام بالتنوع البيولوجي ظهر بوضوح خلال قمة شرم الشيخ المناخية COP27 فالمخرجات النهائية للقمة تضمنت أقساماً مخصصة للمحيطات والغابات والزراعة ما يعزز الارتباط بين حماية الطبيعة وتغير المناخ، وخصصت قمة شرم الشيخ 16 نوفمبر الماضي يوماً للتنوع البيولوجي، لتأكيد الارتباط بين التغير المناخي والتنوع البيولوجي. وتضمن هذا الحدث جلسات نوعية، في إحداها صرّح الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بأنه سيوقف قطع أشجار الغابات ويمنع تدهور غابات الأمازون، وما يبعث على الاطمئنان أن أكثر من 130 دولة أكدت التزامها بحماية الغابات. الرئيس البرازيلي اقترح استضافة بلاده لقمة المناخ في 2025 على أن تنعقد فعالياتها في منطقة غابات الأمازون.

وتجدر الإشارة إلى أنه على مدى العشرة آلاف عام الماضية، فقد العالم ثلث غاباته، بما يعادل مساحة تبلغ ضعف مساحة الولايات المتحدة، نصفها حدث خلال القرن الماضي. دورمحوري للغابات وضمن هذا الإطار تؤكد تيينا فاهنين نائبة مدير شعبة الغابات في منظمة «الفاو» أن «صون التنوع البيولوجي في العالم يعتمد بشكل كامل على طريقة تفاعلنا مع الغابات واستخدامها». توفّر الغابات في العالم موائل ل 80% من الأنواع البرمائية، و75% من أنواع الطيور و68% من أنواع الثدييات.

وبالإضافة إلى ذلك، توجد نحو 60% من جميع النباتات الوعائية في الغابات المدارية (الأنواع التي لديها أنسجة لنقل السوائل)، كما أن الخطة الاستراتيجية للغابات التي تبنتها الأمم المتحدة للفترة من 2017 إلى 2030 تعترف بشكل صريح بدور الغابات في الحفاظ على التنوع البيولوجي.

دبي و«كوب13»

وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية الأراﺿﻲ اﻟﺮﻃﺒﺔ ذات الأهمية العالمية «رامسار» هي ﻣﻌﺎﻫﺪة دوﻟﻴﺔ، تم تعديلها مرتين، الأولى عام 1982 والثانبة عام 1987، وهي توفر إﻃﺎرَ عملٍ ﻟﻠﻔﻌﺎﻟﻴﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻟﺘﻌﺎون اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ الأراﺿﻲ اﻟﺮﻃبة، واﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﺮﺷيد ﻟﻤﻮاردﻫﺎ. دور مهم لمعاهدة «رامسار» في التنوع البيولوجي وامتصاص الكربون. وهذه المعاهدة كانت محور فعاليات الاجتماع الثالث عشر لمؤتمر الأطراف المتعاقدة في اتفاقية مؤتمر رامسار للأراضي الرطبة، أو COP13 في دبي أواخر أكتوبر 2018، وخلال المؤتمر تم إعلان «محمية جبل علي للأراضي الرطبة»، التي تم تدشينها عام 1998 كأحد مواقع الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية، المعروفة باسم «مواقع رامسار».

على مساحة 21.85 كيلو متر مربع، تمتد محمية جبل علي للأراضي الرطبة، ما بين جبل علي ورأس غنتوت، وتصنف وفقاً لمعايير معاهدة التنوع البيولوجي كواحدة من المواقع البحرية ذات الأهمية البيولوجية والإيكولوجية في الخليج العربي، وتعتبر ثامن موقع في دولة الإمارات يدرج بقائمة «اتفاقية رامسار للأراضي الرطبة»، كونها موئلاً للشعاب المرجانية، وأشجار القرم، وبيئة مناسبة لتكاثر سلاحف منقار الصقر المهددة بالإنقراض، وتضم المحمية بحيرات شاطئية وأعشاباً بحرية ومحار اللؤلؤ، وسواحل رملية يعيش عليها نحو 539 نوعاً من الأحياء البحرية والنباتات ومجموعة من الأنواع الحية المعرضة والمهددة بالانقراض.

وخلال مؤتمر COP13 في دبي قدمت أمانة اتفاقية «رامسار»، للمرة الأولى، شهادات اعتماد تسمى «وتلاند سيتي» للإشادة بجهود 18 مدينة قامت بخطوات استثنائية لحماية أراضيها الرطبة، وكان من بينها 6 مدن صينية، بالإضافة إلى المدن الفرنسية «أميان» و«كورتيرانجز» و«بونت أوديمير» و«سان أومير»، وبحيرات تاتا في المجر، ومدن «إنجي» و«جيجو» و«سانشيون» في كوريا الجنوبية، و«ميتسينجو» في مدغشقر، والعاصمة السريلانكية «كولومبو»، ومدينة «غار الملح» التونسية.

«COP14» في شرم الشيخ

بعد مرور ربع قرن على تفعيل الاتفاقية، ترأست مصر مؤتمر التنوع البيولوجي COP14 في الفترة من 2018 إلى 2020، وفي مدينة شرم الشيخ ناقشت خلال 17 يوماً (من 13 إلى 29 نوفمبر 2018)، سبلَ دمج التنوع البيولوجي في قطاعات الطاقة والتعدين والصناعة، مع التركيز على المحميات الطبيعية كأحد الأدوات الرئيسة للحفاظ على التنوع البيولوجي. وركزت مصر على تقديم مبادرة شاملة تهدف إلى دمج التنوع البيولوجي في القطاعات النوعية المختلفة وذلك من خلال تحقيق التكامل بين اتفاقيات «ريو» الثلاث المعنية بتغير المناخ، والتنوع البيولوجي، ومكافحة التصحر.

سبق إماراتي في حماية التنوع البيولوجي

الحفاظ على التنوع البيولوجي يحظى باهتمام كبير لدى القيادة الإماراتية الرشيدة التي تخطط دوماً لتطويرها وفق المعايير العالمية، وتأتي جزيرة صير بني ياس في إمارة أبوظبي التي حرص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» على تطويرها وإطلاق الحيوانات البرية في ربوعها منذ ثمانينيات القرن الماضي، لتؤكد اهتمام الوالد المؤسس بالطبيعة، كما وجه برعاية الطيور المائية في بحيرة الوثبة واعتبارها محمية طبيعية منذ تسعينيات القرن الماضي، وبلغت نسبة المحميات البرية 16.96% من مساحة إمارة أبوظبي، ولدى أبوظبي 19 محمية 13 منها برية و6 محميات بحرية. وتولت هيئة البيئة أبوظبي مهمة إعلان وإدارة المحميات الطبيعية منذ عام 1996.

  • غزلان في محمية جزيرة صير بني ياس بإمارة أبوظبي
    غزلان في محمية جزيرة صير بني ياس بإمارة أبوظبي

 

وفي عام 2001 تم الإعلان عن إعلان محمية «مروج» كأول محمية بحرية ‏بالإمارة وأكبر محمية بحرية في منطقة الخليج العربي. جهود واضحة لإمارة أبوظبي في حماية التنوع البيولوجي والحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض، خاصة حماية ورعاية 1000 رأس من المها العربي، الذي لم يعد مهدداً بالإنقراض. في أبوظبي أيضاً تم اعتماد 8 موائل بحرية في قائمة الموائل المهمة من بينها: الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية ثم أشجار القرم، حيث تشكل مساحة 21% من مساحة الإمارة ومواقع تعشيش السلاحف والشواطئ الصخرية والمستنقعات الملحية ستكون ضمن التوسعة القادمة.

جهود الإمارات في حماية التنوع البيولوجي تظهرب بوضوح في ارتفاع عدد المحميات الطبيعية في الدولة من 44 محمية في عام 2019 إلى 49 محمية في عام 2020. وجهود الإمارات في حماية التنوع البيولوجي تتجاوز البعد الداخلي إلى الخارجي من خلال «صندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية»، كأحد أهم المنظمات المانحة للمساعدات الصغيرة للحفاظ على أنواع الكائنات الحية المهددة بالانقراض في العالم، وقدم الصندوق أكثر من 20 مليون دولارمن أجل حماية نحو 1350 كائناً حياً مهدداً بالانقراض في 160 دولة.

  • «كوب 15» في مونتريال.. صناعة السلام مع الطبيعة
    مريم المهيري أثناء الإعلان عن الإطلاق العـالـمي لـ«تحالف القرم من أجل المناخ» خلال قمة شرم الشيخ المناخية (كوب27).

 

وخلال قمة COP27 في شرم الشيخ، وفي اليوم الذي خصصته القمة للتنوع البيولوجي، سجلت الإمارات خطوة كبرى في مواجهة التغير المناخي وفي الوقت نفسه حماية التنوع البيولوجي، من خلال حلول تعتمد على الطبيعة، حيث أطلقت الإمارات تحالف القرم العالمي من أجل المناخ بالشراكة مع جمهورية إندونيسيا. أشجار القرم تعد مخزناً للكربون بنسبة تصل إلى أربعة أضعاف الغابات الاستوائية المطيرة البرية، وتوفر مناطق خصبة وموائل طبيعية آمنة للتنوع البيولوجي البحري، وتعتمد 80% من مجموعات الأسماك العالمية على النظم البيئية الصحية لأشجار القرم.

  • طيور الفلامنجو بمحمية الوثبة في أبوظبي.
    طيور الفلامنجو بمحمية الوثبة في أبوظبي.

 

التزام بالاتفاقيات الدولية

تلتزم دولة الإمارات العربية المتحدة بالاتفاقيات الدولية المعنية بحماية التنوع البيولوجي، مثل اتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية «رامسار»، واتفاقية التنوع البيولوجي، ومعاهدة المحافظة على الأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية، واتفاقية الاتجار الدولي بأنواع الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني من الجفاف الشديد، وبروتوكول قرطاجنة بشأن السلامة الأحيائية، والمعاهدة الدولية بشأن الموارد الوراثية النباتية للأغدية والزراعة، وبروتوكول ناغويا بشأن الحصول على الموارد الجينية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها، بالإضافة إلى مذكرات تفاهم، من بينها: مذكرة تفاهم حول حماية وإدارة إبقار البحر وموائلها الطبيعية، ومذكرة تفاهم حول المحافظة على الطيور الجارحة في أفريقيا وأورواسيا، ومذكرة تفاهم حول أسماك القرش المهاجرة.