لا أحد ينكر البهجة التي جلبها «تويتر» لحياة الجميع وإلى أي حد سيفتقدونه. لحسن الحظ، لن يموت «تويتر» اليوم أو غداً. لكن هناك فرصة جيدة لأن يكون الوصول إليه صعباً لبعض الوقت على الأقل يوم الأحد، عندما تثير بداية كأس العالم موجة من التغريدات من جميع أنحاء العالم.

يعمل «تويتر» الآن بطاقم هزيل. بعد أن تم التخلي عن نصف العاملين بالشركة قبل أسبوعين، حيث غادر مئات آخرين الشركة ليلة الخميس بعد أن حدد إيلون ماسك موعداً نهائياً لبقية الموظفين للموافقة على شروط «شديدة الصعوبة» أو الحصول على تعويض بعد إنهاء الخدمة بقيمة راتب ثلاثة أشهر. وقد فضل كثيرون هذا الخيار الأخير.
من غير الواضح بالضبط عدد القوى العاملة الأصلية المتبقية في تويتر والتي يبلغ قوامها 7500 فرد. غرد مراسل من مجلة «فورتشن» أن 75% من الموظفين الباقين البالغ عددهم 3700 قد استقالوا، بينما ذكر موقع «فيرج» أن عدد الموظفين الباقين في الشركة بلغ حوالي 2900 موظف. قد يكون الرقم الحقيقي في مكان ما قريباً من ذلك.

حذر العديد من الموظفين الذين استخدموا رمزاً تعبيرياً يعبر عن الترحيب وهم في طريقهم للخروج من الموقع من أن الموقع سينهار في المستقبل القريب دون وجود عدد كافٍ من المهندسين المهمين في المكان. وعلقت شركة تويتر مؤقتاً شارات الوصول عبر مبانيها، مما يعني أنه لا يمكن لأي شخص الدخول إلى المكتب.
بطبيعة الحال، تجاهل «ماسك» هذه المخاوف. وكتب على «تويتر» يوم الخميس: «أفضل الموظفين باقين، لذلك فإنني لا أشعر بالقلق».
يحب «ماسك» أن يحيط نفسه بالموالين له وقد استمتع بامتلاك قاعدة جماهيرية شرسة على تويتر، والرد بشكل أساسي على رسائل المديح. أما أولئك الذين يصححون له أخطاءه فإن مصيرهم الفصل من العمل. قام الملياردير «إيلون ماسك» بطرد العديد من المهندسين الذين انتقدوه علانية. قد يقول ماسك إنه يقدر التميز، لكن من المنطقي أن العديد من أذكى الأشخاص في «تويتر» غادروا الآن.
يمكنك القول إن إدارة منصة عالمية عبر الإنترنت بطاقم هزيل أمر ممكن تماماً. لنفترض أن ما بين 1000 و2000 موظف لا يزالون الآن في «تويتر». لا يزال هذا عدداً كبيراً من المهندسين، خاصة بالنظر إلى أن «واتس آب» كان يحتوي على جزء بسيط فقط - 55 موظفاً- عندما تم شراؤه بوساطة شركة فيسبوك عام 2014، وكان يحتفظ بتطبيق مراسلة لحوالي 450 مليون مستخدم نشط شهرياً. أما تويتر فلديه حوالي 300 مليون مستخدم نشط شهرياً.
يمكنك أيضاً أن تجادل بأن الأوقات العصيبة تتطلب اتخاذ إجراءات صارمة. لقد تولى ماسك زمام القيادة في شركة كانت تعاني من التضخم وغير مربحة في الربع الأخير من حياتها. لخفض التكاليف بشكل جذري، يحتاج إلى الحد من عدد الموظفين ليضم عدداً صغيراً من المهندسين الأساسيين الذين يمكنهم العمل بسرعة عالية وكثافة عالية.

لكن أياً من هذه الحجج يهم إذا كان الهدف هو تحقيق النجاح على المدى الطويل. ربما يكون تطبيق واتس آب يعمل بشكل جيد مع بضع عشرات من العمال، ولكنه كان أيضاً حذراً بشكل ملحوظ بشأن طرح ميزات جديدة. وقد اهتم مؤسسوه بالحفاظ على تشغيل خوادمه ببساطة. لا ينوي «ماسك» الاحتفاظ بالخوادم قيد التشغيل فقط. إنه يريد تحويل «تويتر» إلى «تطبيق لكل شيء»، مع وجود مجموعة من الميزات الجديدة مثل المدفوعات لمحاكاة منصات الإنترنت الأكبر مثل منصة «وي تشات» الصينية.
تعد هذه مهمة صعبة بشكل خاص بالنسبة لتويتر. بعد 16 عاماً من التشغيل، أصبحت أنظمته مليئة بالديون التقنية (الدين التقني هو مصطلح يستخدم في مشاريع تطوير البرمجيات لوصف الأعمال الإضافية الناجمة عن تأجيل مهام صيانة البرامج، أو استخدام تصاميم أو تعليمات برمجية غير مطابقة لمعايير وممارسات الجودة) والأخطاء التي خلفتها العديد من التحديثات. كما أن أنظمته معقدة للغاية وموزعة عبر شبكات متعددة. ستستغرق إعادة تشكيلها وقتاً وخبرة - لكن «ماسك» في عجلة من أمره، وقد تخلى عن العديد من الأشخاص الذين يعرفون هذه الأنظمة جيداً.
يخطط «ماسك» لإعادة إطلاق خدمة «تويتر بلو» (أو تويتر الأزرق) التي تبلغ قيمتها 8 دولارات في 29 نوفمبر. «للتأكد من قوتها»، لكن «تويتر» نفسه قد لا يكون قوياً جداً عندما يحدث ذلك. من غير الواضح لماذا كان نهج ماسك متطرفاً للغاية. ربما يكون في أمس الحاجة إلى استرداد استثماراته وتسديد الديون للدائنين. لكنه لم يكن بحاجة إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات الصارمة. لم يكن موقع «تويتر» على شفا كارثة عندما تولى «ماسك» زمام الأمور. لقد كان في الغالب مربحاً على مدار السنوات الخمس الماضية وأدار نشاطاً إعلانياً جيداً، والذي جلب، حتى استحواذ «ماسك»، حوالي 90% من إيراداته. يبدو هذا العمل غير مؤكد بشكل متزايد، حيث يرفض المعلنون أجواء الاضطراب في الشركة.
«ماسك» يشبه الميكانيكي الذي يستبدل المحرك وحزام التوقيت والشاسيه والإطار الكامل للسيارة بعد أن تم إدخالها على إطارات مفرغة من الهواء. إنها مبالغة، ومن المؤكد أنها تأتي بنتائج عكسية.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لاينسينج آند سينديكيشن»