«جودة حياة الأسرة في الخمسين» هو شعار «ملتقى أبوظبي الثالث للأسرة»، الذي تنظمه مؤسسة التنمية الأسرية بالتزامن مع احتفال الإمارات بـ«عيد الاتحاد» الـ51. وهذا الملتقى يدعم بناء مجتمع متوازن، ويسعى لتمكين الأفراد من جهة تعزيز جودة حيواتهم وحثهم على تبني التفكير الإيجابي باعتباره قيمة مهمة ومؤثرة عليهم، وتنعكس على صحتهم الجسدية والنفسية والعقلية، فتدفعهم نحو بناء وتحسين مهاراتهم الحياتية، وخصوصاً جيل الناشئة والشباب الذين تتوافر لهم فرص عظيمة سواء على مستوى التعليم، أو على مستوى الاطلاع على أحدث مجالات العلوم التي تهتم بها الإمارات والالتحاق بها تعليماً وعملاً وتطوعاً، وخصوصاً في حقول الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة وعلوم الفضاء.
والملتقى في هذه الدورة يؤكد على دور الأسرة كشريك إستراتيجي وفاعل في تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة للحكومة، كما يركز على الخدمات الاجتماعية الحكومية في مختلف الإمارات، وكذلك على السياسات والتشريعات المتجددة التي تهدف إلى تنمية وتمكين الأسرة، إلى جانب تسليط الضوء على أفضل الممارسات الاجتماعية الإماراتية والإقليمية والدولية.
تقوم الفكرة الأساسية للملتقى على توفير فرص تنموية للأسرة والمجتمع ضمن أجواء تفاعلية تجمع بين المتعة واكتساب المعرفة واكتشاف المهارات وتمكينها من خلال الأنشطة المساندة، والتي تمثل المحاور الرئيسة لرؤية الإمارات.
وفي إطار فعالياته، يلتقي الحضور مع عدد من الشخصيات العامة والمشاهير، ومن بينهم القاضي الأميركي فرانك كابريو الذي ذاع صيته عالمياً بسبب مواقفه الإنسانية النبيلة، وإصداره أحكاماً تطبق روح القانون الذي يدعم حضور العدالة والرأفة والتكافل في مجتمع كوزموبوليتاني يضم تقريباً كل الأعراق والإثنيّات.
أهداف الملتقى عديدة ومتنوعة، ومن بينها وضع الفرد على السكة لتقييم قدراته واستخدامها بالشكل الأمثل بما يؤثر إيجاباً على جودة حياته، والتخطيط لمستقبله ومستقبل أسرته في ظل التحولات الهائلة التي تشهدها كل المجتمعات وتؤثر على آلية تفكير الناس عموماً من الذين يتجهون – مع الأسف – نحو الفردانية بجانبها المظلم، وهو نلمس حضوره بقوة في الأنظمة الرأسمالية والمجتمعات التي تعلو فيها روح الفرد على حساب روح الجماعة. وهذا حتماً طوفان نريد أن نحمي أسرنا منه. وأعتقد أن كثيرين يتفقون معنا في مسألة أن البرامج المجتمعية تعمل على توفير كل ما يمكن أن يبقي الجماعة هي المحور الأساس، والأسرة المتكاتفة هي الضامن للحفاظ على المجتمع.
الأسرة - كانت تمثّل وما تزال – قيمة عليا في المجتمعات التي لم تتحول إلى الرأسمالية التي تدمّر مفهوم الأمن الأسري والمجتمعي على الرغم من أهميتها لكونهما يوفران الاستقرار النفسي للفرد ذاته. وفي إطار هذا المفهوم المتمثّل بالأمن الأسري والاستقرار يمكن للفرد أن يحمي المنظومة الفكرية التي تحافظ على أسرته وتطورها، كما تمكّنه من إدارة المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها، وفي كلا الحالتين تأخذه نحو تحقيق تماسك المجتمع الذي ينتمي إليه.
وكلنا يعلم أن تحقيق تلك السياسات يستوجب من كل المؤسسات والمنظمات الحكومية والأهلية في الإمارات إيجاد مساحة للأسرة على اختلاف الشرائح المجتمعية التي تنتمي إليها، فيكون حضور الفرد فيها غير متفوق على حضورها كوحدة اجتماعية متكاملة.
إن تبني الملتقي لقيم إيجابية من بينها الأسرة، التفكير الإيجابي، تعزيز وتطوير المهارات الفردية في إطارها المجتمعي، والحفاظ على مفهومي التكافل والتآزر، يؤشر بالضبط على السياسات التي تؤمن بها الإمارات وتؤكد عليها، كما تسخر جهوداً مهمة للغاية في سبيل الحفاظ عليها، وذلك بما يخدم المجتمع الإماراتي بكل مكوناته، وبكل ما فيه من تنوع.