51 عاماً عمر العلاقات الإماراتية-الأفريقية التي تزيد عمقاً مع مرور الأيام والزيارات المتبادلة، وهي علاقات تقوم على مبادئ الأخوة والصداقة والاحترام والمنفعة المشتركة. ولا شك أن تلك العلاقة المتميزة وغيرها من علاقة دولة الإمارات مع بقية الدول تكشف عن النهج الذي تتبعه في الحفاظ على أواصر الصداقة والعمل المشترك الذي يتطلب دوماً تمتين الجسور وتعزيز التعاون ومد يد الخير في الأزمات، وكل ذلك من شأنه أن يرسخ السلام والاستقرار والأمن، وهي مبادئ تنتهجها الدولة وستستمر.
في مناطق عديدة من القارة السمراء برز دور الإمارات التي كانت لاعباً فاعلاً ومهماً فيها، وخلال العقدين الماضيين اتسع حضور دولتنا في قارة أفريقيا من خلال التحالفات السياسية والاقتصادية التي عقدتها مع معظم دولها، ساعية بذلك نحو ترسيخ الاستقرار في مناطق النزاع ومحاولة نزع فتيل النزاعات. ففي صيف عام 2018 تُوّج دور الإمارات في كل من أريتريا وإثيوبيا عندما أعلنت الدولتان أنهما توصلتا إلى اتفاق لإنهاء الحرب الدائرة بينهما منذ 20 عاماً، كما توسطت بين السودان وإثيوبيا لحل الخلافات في ما بينهما، وبذلت مساعٍ استثنائية من أجل لوقف الصراع في إقليم تيغراي شمالي أثيوبيا، كما وأسهمت جهود الإمارات في نزع فتيل النزاع الخطير بين كل من بين إثيوبيا ومصر والسودان بشأن «سد النهضة».
والإمارات حين تتدخل في هكذا ملفات ليس لأنها متضررة أو لأن أمنها مهدد، إنما تتحرك من أجل الحفاظ على الاستقرار، ووضع حد لما يمكن أن تحمله الأزمات من المعاناة والخسارات التي تمس الشعوب بالدرجة الأولى، والبيئة أيضاً.
منذ عدة أعوام برزت جهود الدبلوماسية الإماراتية في دول أفريقية عدة لصناعة الاتفاق بين الدول المتصارعة، وكذلك لمكافحة الإرهاب بغية استعادة استقرار القارة التي كانت موطئ صراعات الدول التي وجدت فيها الموقع الإستراتيجي الحيوي والموارد الطبيعية الكثيرة فاستعمرتها بغية ذلك. ولا يخفى أبداً حرص أقطاب العالم خلال القرون الماضية على وضع أياديهم على القارة الكبيرة.
في التاريخ الحديث، ومع تراكم أزمات القارة الأفريقية التي تراوحت بين الصراعات والحروب الداخلية والمجاعات وانتشار الأوبئة والتصحر ثم الهجرة غير الشرعية؛ أصبح من المستحيل استمرار تلك الأحوال فتدخلت الجهود الأممية في محاولة منها لإنهاء تلك الأزمات، وإلى جانبها بذلت الإمارات جهودها لوقف التهديدات التي بدأت تطال قارات أخرى، ولإعادة الاستقرار لدول القارة التي بدأت تعاني من الإرهاب بأوجهه المختلفة.
حتى اليوم ما تزال تلك الجهود قائمة مع استضافة واشنطن القمة الأميركية- الأفريقية لمعالجة التحديات الأمنية ومكافحة الإرهاب وقضايا التنمية. وحضور الإمارات القمة من خلال «منتدى أبوظبي للسلم»، يأتي بدافع الشراكات الإستراتيجية بينها وبين عدد من الدول الأفريقية التي تحتم على دولتنا الدفاع عن شراكاتها، والسعي نحو تعزيز فرص السلام.
إن عمق العلاقات الإماراتية-الأفريقية يدفع بالإمارات للأخذ بيد شركائها في القارة السمراء نحو آفاق جديدة من التنمية والتقدم، وذلك لما تتمتع به دول القارة من فرص كبيرة في قطاعات حيوية وإستراتيجية، وهو ما يمكن أن يسهم في وضع حد للانهيارات الأفريقية الاقتصادية.
منذ عام 2016 أخذت العلاقات الإماراتية- الأفريقية السياسية والاقتصادية منحى مهماً. فأفريقيا واحدة من الأسواق الناشئة الواعدة للاستثمارات الإماراتية وخصوصاً في قطاعات الطاقة والطاقة المتجددة والبنية التحتية والاستثمار التجاري والخدمي. وبالأرقام استحوذت الإمارات على 88% من الاستثمارات الخليجية في القارة، حيث بلغت الصادرات غير النفطية وإعادة التصدير من الإمارات إلى أفريقيا عام 2018 حوالي 18 مليار يورو، في حين بلغ حجم التجارة الإماراتية مع أفريقيا في2020 نحو 56 مليار دولار.