من وجهة نظر الطبيعة، لا فرق بين كوكب الأرض الساخن بأحداثنا وكوكب غير مأهول وبارد مثل المشتري، ورأس السنة الميلادية تقويم زمني وضعناه ضمن عدة فهارس تقويمية للقياس حسب معاييرنا نحن لا معايير الكون.
 
في السياسة، يتمنى الجميع، بمن فيه بعض الساسة، عاماً مليئاً بالحلول الجديدة ليعم ذلك السلام الذي نبحث عنه منذ أول حرب في التاريخ! 
في بقعة سُميت الشرق الأوسط، وهو شرق أخذ موقعه الأوسط على كوكب كروي حسب رؤية بشرية في المقاييس، في هذه البقعة «الشرق الأوسطية» تتوالد الأزمات منذ بداية التاريخ البشري المعروف، كما توالدت في أساطير الشعوب القديمة تلك الآلهةُ التي يفترض (حسب الأساطير) أنها خلقت الكونَ الأكبرَ كلَّه، والمفارقةُ أنها آلهةٌ تتنازع فيما بينها لإثبات حضورها السيادي، وكل ذلك أيضاً ضمن مقاييس بشرية بحتة! لقد ظهر «المقدَّس» لأول مرة في هذه البقعة.
واليوم، ومع رحيل عام 2022، ودخولنا بالتقويم الذي ابتكرناه بمقاييسنا إلى عام 2023، ما نزال نحمل مع تلك الأرقام المفهرسة والمجدولة بنظام حسابي مدهش أمنياتنا بسلام يعم المنطقةَ والعالَمَ كلَّه.
عام 2023 افتراض مجدول لتنظيم الزمن، ولا يملك حاسة السمع ولا الإدراك، لكن الجيد أن أمنياتنا تحمل إرادةً ما (بالحد الأدنى) من أجل التغيير، وهي إرادة متكررة مع كل دورة شمسية في نظام كوني لا يتدخل في حماقاتنا الإنسانية.
وفي شرق المتوسط، قيد التشكيل، توشك البشرية أن تخرج من عصر استخدام النفط، بعد أن دخلت عصر ثورة تكنولوجيا المعلومات، واكتشفت أنها قادرة على تطويع الغاز كطاقة بديلة عن النفط، فضلا عن أنواع أخرى لمصادر طاقة متجددة، من بينها الشمس التي ندور حولها بانتظام.
في شرق المتوسط، ومع بداية دورة شمسية جديدة، تجري إعادة تموضع العلاقات الدولية من جديد حسب معطيات الغاز والثورة المعلوماتية، مما يعني إعادة رؤية للأزمات من زوايا جديدة مختلفة عن كل ما سبق فيما كنا نعرفه بالشرق الأوسط. 
حسناً، فلنضع الأمنيات على جدول أعمال واقعي وحقيقي، ولا بأس في أن نستخدم مقاييسَ دوران الأرض حول الشمس كنقطة بداية جديدة لرؤى جديدة، وأن نبحث عن حلول لعلنا نجد بعضاً من السلام الذي لم نجده يوماً في كوكبنا على العموم وفي الشرق الأوسط على الخصوص، حيث للمقدسات تأثيرها الملحوظ.
نحن أمام استحقاقات متراكمة من الحلول التي وضعناها ولم تعش طويلا. هل يعقل ألا نجد حلا نهائياً لمشكلات هذا الشرق الأوسط المضطرب بأزماته وخلافاته، وقد دخلنا عصر تكنولوجيا المعلومات بكل مظاهره وتطبيقاته؟
لقد تلقَّت البشريةُ في ذروة تقدمها العلمي والمعرفي الأخيرة صفعةً مؤلمة تمثلت في فيروس متناهي الصغر يتماهى مع عصر النانو الذي نعيشه، فسميناه عدة تسميات: كورونا، كوفيد، دلتا، أوميكرون.. إلخ. وهي تسميات لا يكترث لها الفيروس نفسه، إذ هو موجود بجميع تأثيراته الكارثية مهِدداً كل البشرية التي تقاومه بالمعرفة والعلم!
أليس من العبث أن نستمر في تكرار التمنيات بعالم يعمُّه السلام ونطلق الألعاب النارية في خلفية المشهد، ثم نعود بعد الاحتفال «بدوران الأرض حول الشمس» إلى ارتكاب كل حماقاتنا ونخلق لها المبررات «المقدسة» و«الوطنية»؟!
ببساطة.. ورغم كل شيء.. فهي ما تزال تدور.

*كاتب أردني مقيم في بلجيكا