بداية عام جديد ومستهل مرحلة أخرى، حيث لكل واحد منا أحلام وتمنيات وتحديات، وكذلك الأمر بالنسبة للمؤسسات والدول، فلديها هي أيضاً إنجازات ومستهدفات وتوجسات. أتمنى للجميع عاماً جديداً مكللاً بالإنجاز وتحقيق الأماني علَّه يكون أفضلَ من سابقه الذي كان صعباً على البعض، لما حمله من تغيرات وأزمات ومشاكل انعكست على واقع العالم، لكن ها قد تم طي صفحة العام الماضي بما فيه من صعوبات، ربما كان أبرزها يتعلق بالواقع الاقتصادي والمادي للعالم، أي التحدي الأكبر الذي سينتقل مع معظم الدول إلى العام الجديد.

التحدي الاقتصادي سيكون هاجس البشر خلال العام الجديد (2023)، وكما نعلم فإن معظم الدول تواجه أزمات اقتصادية كمحصلة لأزمات عدّة يتصدّرُها وباء كورونا الذي تسبب في شلل الاقتصاد جراء الإغلاق الصحي وما ارتبط به من ارتباك في سلاسل توريد السلع، مما أدى إلى أزمة طالت الأفراد والمؤسسات.

ثم عززت ذلك الحربُ الروسية الأوكرانية التي أدت بدورها إلى تعميق الأزمة الاقتصادية، وتركت أثرَها المتواصل على الناس في كثير من بقاع العالم. نتمنى في هذا العام أن تخف وطأةُ أزمات الاقتصاد على مستوى عالمي، لما لها من أثر مباشر على الأفراد.

لكن ما تشهده الدولُ الكبرى سينعكس على دول أخرى، فالولايات المتحدة تحاول جاهدةً أن تخفف من التضخم عن طريق رفع سعر الفائدة، وترى أن دخول البلاد في ركود اقتصادي سيساعد على نهوض الاقتصاد من جديد.. لكل ذلك قد يكون عاماً بطيئاً على المستوى الاقتصادي، حيث ستتجه كبريات المؤسسات الاقتصادية لسياسات مالية متشددة، لكن تبقى هناك مخاوف من أن يكون مستوى الركود أعلى من المتوقع، وأن تدخل كبرى الدول كساداً اقتصادياً شبيهاً بما مرت به البشرية منذ عقود.

ليس التحدي الوحيد المقبل سيكون اقتصادياً، بل أمنياً أيضاً، وهذا سيكون مؤثراً كبيراً على الجانب الاقتصادي. وكما نعلم فإن الحرب الأوكرانية طالت أكثر مما هو متوقع، وربما تصبح حرب استنزاف بين البلدين، وهذا يعني أن الآثار السلبية لهذه الحرب ستكون مستمرة، لتتواصل أزمة الطاقة في أوروبا. وقد أثرت هذه الحرب على بعض السلع الحيوية، وفي مقدمتها القمح الذي انقطعت بعض سلاسل توريده. ومعلوم أن لروسيا وأوكرانيا حصة كبرى عالمياً في إنتاج وتصدير القمح.

ولا يتعلق الأمر بالقمح وحده، بل هناك منتجات كثيرة قلَّت في الأسواق بسبب هذه الحرب التي نتمنى أن تنتهي قريباً. في عام 2023 نتمنى انفراجةً لهذه الأزمة، وأن تجتمع الأطراف لإيجاد حل يرضيها جميعاً ويُوقِفُ آلةَ الحرب، فالسلام وحده ينعش البشر والدول اقتصادياً، ويجعل التركيز على البناء والإعمار وليس على الهدم.. ولكل ذلك نتمنى أن يعم السلام بين الدول، وأن يحل الأمن والاستقرار على مستوى العالم في هذا العام الجديد.

من الملفات المهمة أيضاً خلال هذا العام هناك ملف الصحة، إذ تعلمت البشرية أن تعزيز الوقاية من الأمراض أمر حيوي للغاية، فبعد وباء كورونا الذي هدد العالم وأثر على كافة القطاعات أدركنا أن الاستثمار في الصحة هو الاستثمار الأهم على جميع المستويات، ولذا يجب أن يكون العالم مستعداً لكل الأزمات الصحية المقبلة. وبالنسبة لنا في الإمارات فنحن متفائلون بالعام الجديد، حيث حققت الدولةُ منجزاتٍ كبرى خلال العام الماضي، وبكل تأكيد ستحقق المزيد العام خلال الحالي، وكما عودتنا، فستتغلب على جميع التحديات وتحقق ما هو أبعد من الحلم.

*كاتب إماراتي