تسييس أي قضية، يعني إحداث الضرر المباشر لها، حتى السياسة ذاتها! إذا قيل بأن الخلاف لا يفسد للود قضية، وهو المأمول طبعاً، إلا أن التسييس يفسد ود أي قضية، وقد يصل بها إلى مرحلة التيئيس من حلها أو حلحلتها. 
إذا كان تسييس الدين في زمن «بن لادن» قسم العالم إلى «فسطاطين»، فإن تسييس السياسة جزأ العالم إلى ثلاثة «فسطاطات». 
نضرب بعض الأمثلة في بعض «كذلك فاضربوه ببعضها» حتى تتضح الصورة التي تخطت مرحلة «السياسة الميكيافيلية».
تحدث إلى محمد علي باشا أحد مستشاريه عن الحيل السياسية التي وردت في كتاب «الأمير» لميكافيلي، فرد عليه: بأنه يعلم من تلك الحيل أضعاف ما ورد في ذاك الكتاب! 
فلنمعن النظر في الأزمة الروسية الأوكرانية، كيف قسم التسييس العالم إلى ثلاثة أجزاء في ثلاثة مواقف أوردتها مجلة «ذا ناشونال إنترست»، في مقال بعنوان «هل أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى القضاء على الدولار؟». جاء فيه: الأزمة الأوكرانية قسمت العالم إلى 3 معسكرات: أحدها بقيادة الولايات المتحدة وحلف «الناتو»، وهو معسكر يتعامل بندية مع روسيا، ويعتبر أن العملية العسكرية الروسة في أوكرانيا خطوة روسية لرفض التوجه الأوكراني نحو الغرب. وآخر تقوده روسيا والصين، وهو معسكر يرى أن العالم لا ينبعي أن يسير وفق نظرة أحادية أو هيمنة القطب الواحد. وثالث هذه المعسكرات هو معسكر واقع بين المعسكرين، وهو المعسكر الذي آثرت دوله الحياد. 
إن بعضاً من دول الحياد تبحث لها عن «فسطاط» رابع تحت بند «توازن المصالح»، وهو ما يتيح لها التعامل مع جميع المعسكرات الثلاثة، وذلك وفقاً لمصلحة كل دولة على حدة. حتى ما هو «جيوسياسي» لم يسلم من التسييس، وهو ما لا يمكن استبعاده من أي معادلة فيها رائحة للسياسة على الجغرافيا والجيولوجيا في آن واحد وعملية الفصل بينهما قد تخضع للتسييس، وهو ما أشار إليه بوتين على أنه أساس الصراع في أوكرانيا هو سياسة خصومنا الجيوسياسيين التي تهدف إلى تفكيك روسيا التاريخية. 
ما بين الصين وتايوان، لا يمكن إخفاء الجيو سياسي بين البلدين، لقد سماه البعض العدو الجديد، والذي سيس الأمر هي أميركا، وهو ما ذهب إليه وزير الخارجية الصيني، أثناء خطابه، حيث ذكر أن علاقات الصين مع الولايات المتحدة تواجه «تحديات خطيرة» بسبب استمرار«عناد» واشنطن في رؤية بكين كمنافس رئيسي لها، واشنطن اعتبرت بكين «منافسها الأساسي كما أنها سعت إلى حصار واستفزاز الصين التي ردت على ذلك باتخاذ إجراءات لمواجهة سياسية القوة»، ونسعى لـ «التواصل المفتوح والحوار».
قضية تايوان تمثل حجر الأساس السياسي للعلاقات الصينية الأميركية، وخطاً أحمر لا يجوز تجاوزه، وندعو إلى إعادة العلاقات بين البلدين للمسار الصحيح من أجل تحقيق الاستقرار.
أما الرياضة كما يقال بأنها خبز الفقراء، فإنه يظهر التسييس في بعض تفاصيلها، وربما يتم خلط الدين والثقافة والعادات والتقاليد بطريقة تفتح المجال لأبطال «السوشيل ميديا» للعب في الماء العكر.
* كاتب إماراتي