إنها لمأثُرةٌ اليوم أن تتطور العلاقات بين دول منطقة الخليج العربية والعالم العربي مع الصين وروسيا في مجالات عدة. ومن وجهة نظر بعيدة المدى، فإن هذه العلاقات ستخلق أدوراً رادعة في تخفيف حدة الصراعات وابتعادها عن حالات التصادم المسلح في منطقة آسيا/ المحيط الهادئ.
مسارات تطور العلاقات الخليجية الصينية والروسية، مع بقاء وتميز العلاقات الخليجية الأميركية، تعمل على تخفيف حدة الصراع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والتي تعتبر أكبر تجمع للقوة الاقتصادية العالمية، حيث تتصف المنطقة بوجود أعلى معدلات النمو الاقتصادي الثابت في التاريخ المعاصر. وعلى الرغم من قوتها الاقتصادية الخارقة، فمازالت منطقة آسيا/المحيط الهادئ مضطربة نسبياً، فهي تعج بالنزاعات الداخلية والتحولات السياسية. 

على سبيل المثال، التوترات في تحديد المناطق البحرية في جزر سبراتلي/ مضيق ملاكا، فالصراع على جزر سبراتلي مازال مستمراً، وهي أرخبيل يتكون من جزر صغيرة مرجانية غير مأهولة في بحر الصين الجنوبي بين كل من فيتنام والفلبين والصين وبروناي وماليزيا، ومع أن مساحتها تبلغ 4 كليو مترات مربعة، إلا أنها موزعة على 425.000 كليو متر مربع من البحر، وهذه المساحة غنية بالنفط والغاز والثروة السمكية، ناهيك عن التحكم في حرية التجارة وأمن ناقلات النفط والغاز، وهي بذلك تعتبر من أهم مصادر النزاع الدولي في المستقبل القريب. 

فوجود الصين في علاقات تتطور مع دول الخليج العربية مع غيرها من الدول العربية سيجعل قوة المصالح الصينية موزعة بشكلٍ كبيرٍ، مما يجعلها أكثر تفاهماً وتقبلاً للحوار مع الدول المجاورة لها في بحر الصين الجنوبي من خلال فكرة أن التعاون وتقاسم المصالح أكثر فائدة من الصراعات واستخدام القوة المادية، مع أن هذه القوة مهمة في تحقيق المصالح الأكبر، ولكن لابد أن تكون المصالح أكثر عدلاً واشتراكاً.
وهناك أيضاً النزاع بين اليابان والصين على جزر «سنكاكو» (Senkaku)، يقابله نزاعات أخرى مثل النزاع الروسي الياباني على الأقاليم الشمالية وعلى جزر «كوريل» (Kuriles)، والوضع القائم في الجزيرة الكورية «الكوريتان الشمالية والجنوبية»، وهناك النزاع الحدودي الصيني الهندي، وغيرها من النزاعات على السيادة في مضائق جنوب شرق آسيا. فكل هذه النزاعات سيخففها تطور وتشابك المصالح الخليجية والعربية مع كل من الصين وروسيا والهند أيضاً، الأمر الذي سيجعل مهمة واشنطن في الالتزام بتسوية النزاعات بطريقة سلمية أمراً محققاً عبر التفاهمات مع الصين وروسيا والهند. 
ولابد من الإشارة إلى أن تطور العلاقات بين دول الخليج العربية والعالم العربي بشكل عام مع الصين وروسيا سيجعل منطقة الشرق الأوسط أقل انقساماً في مسارات التنافس الأميركي الروسي الصيني والذي بدوره سيخلق بيئة سياسية وأمنية واقتصادية أكثر استقراراً وتحقيقاً للتنمية. 

*كاتب ومحلل سياسي