في أول اجتماع لمجلس الوزراء، من بداية هذه السنة الجديدة، كان العنوان الرئيس له «الهوية الوطنية» التي تعد بمثابة خيمة الوطن، حيث قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، في تغريدة على «تويتر»: لدينا 5 أولويات حكومية خلال 2023 اعتمدناها اليوم في مجلس الوزراء، الأولى: الهوية الوطنية وترسيخها، والثانية: البيئة وتعزيز استدامتها، والثالثة: المنظومة التعليمية وتطوير رؤيتها ومؤشراتها ومخرجاتها، والرابعة: عملية التوطين وتسريعها، والخامسة: شراكاتنا الاقتصادية الدولية وتوسيعها».
المرتبة الأولى كانت من نصيب الهوية الوطنية التي تصبغ بقية العناصر المذكورة أعلاه. للهوية الوطنية أعمدة وأوتاد تحميها من غلواء الدهر ومن السقوط في عمق الهلامية اللامنتمية. 
عمود هويتنا الوطنية مغروس في مواد الدستور منذ أكثر من نصف قرن، وهو يصحبنا إلى المئوية من دون شك، ألا وهو الإسلام السمح الذي يقبل التعايش مع جميع البشر بلا تفرقة عنصرية أو مذهبية أو طائفية أو قبلية، قال الله تعالى: «وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا»، أي تتعايشوا بالسلم الاجتماعي. 
أما أوتادها من العروبة أولا وفيها سر قوة الإسلام الذاتية، يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله العروبة وقود الإسلام، والمسلمون جميعاً جذوته. 
أما العرب، فهم كما ورد عن العقاد:«هم أقدم مِن اسمها الذي تعرف به اليوم، لأنها على أرجح الأقوال أرومة الجنس السامي التي تفرع منه الكلدانيون والكنعانيون. 
وافتخر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بانتمائه إلى خيار العرب. أما الوتد الآخر، فهو جملة من العادات والتقاليد والأعراف الراسخة عبر الموروث الشعبي والثقافي تناقلتها الأجيال أباً عن جد. وقد ساهمت في تقوية جذور الهوية الوطنية للدولة، وهو السنع الذي يغرس في نفوس وعقول المواطنين حب الأصالة في الانتماء إلى ماض عريق وحاضر مضيء ومستقبل مشرق.
أذكر من هذا السنع الذي تناقله الأوائل من المربين، الدور الذي كان يقوم به الجار في تربية أولاد الفريج الواحد للحفاظ على الصلاة في المساجد ولوم المتخلف عن أدائها ولو في غياب الأب أحياناً عن المشهد، فما لم أنساه عندما سألني أحد الجيران وأنا في سن صغيرة عما شغلني عن الصلاة في المسجد والوالد لا يترك ذلك، قال لي هذه الحكمة دون أن يجرحني بكلمة، (ولدي: صل خمسك وافعل ما تشا.. إن الصلاة تنهى عن المنكر والفحشا). 
والذي يضيف معاني جديدة على هذا الوطن وجود سيرة عطرة ومسطرة عن رجال دولة من أمثال المؤسسين، الشيخ زايد والشيخ راشد رحمهما الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، يؤسسان مجتمعاً مدركاً للمعاني السامية للهوية الوطنية التي ينبغي أن تزخر بها مناهج التربية والتعليم من حقيقة الإخلاص والوفاء لهذه الدولة ورجالاتها الذين أوفوا بالعهد وأوصلوا الوطن إلى مصاف الأمم المتحضرة الراقية في مختلف المجالات الحيوية، وتقارير العالم المتقدم خير شاهد على ترسيخ دعائم هذه الهوية الوطنية الحافظة لمكتسبات الوطن الغالي ذات الشأن العالي.
*كاتب إماراتي