تحمل الإحصائيات حول حالات الطلاق في دول الخليج أرقاماً لافتةً للنظر، مما يستوجب الوقوفَ عنده بشكل جدي من قبل الجهات المعنية في الدول الخليجية. ولب الموضوع هنا هو الإجراءات المطلوب اتخاذها تجاه هذه الظاهرة للحد من تأثيراتها السلبية على مجتمعاتنا بشكل عام، وذلك بالنظر إلى حجم هذه المجتمعات قياساً إلى الكثير من المجتمعات الأخرى ذات الحجم الديموغرافي الكبير، مما يدفعنا للقول إن أرقام الطلاق المعلنة مؤخراً لا تتناسب مع حجم مجتمعاتنا. وبناءً على ذلك فإن هذه القضية تتطلب من الدول الخليجية القيامَ بإجراءات ما للوقوف على أوجه القصور والخلل في البُنى المجتمعية.

وهناك مَن ينادي بإلزام المتقدمين للزواج بحضور دورات للتأهيل الثقافي والنفسي بغية تهيئتهم بالشكل الأمثل للدخول في طور جديد من حياتهم مختلف كلياً عن أطوار حياتهم السابقة.

وهو مقترح جيد للحد من حالات الطلاق المتزايدة. ومن جانب آخر، وبناءً على المعطيات المنشورة مؤخراً حول هذا الموضوع، نقول إنه في الوقت الذي استمرت فيه نسبة الطلاق في الارتفاع خليجياً، فقد أشارت المعطياتُ نفسُها إلى أن أعلى نسبة من حالات الطلاق كانت من جانبِ حمَلة المؤهلات الجامعية، تليها نسبة طلاق حمَلة الشهادة الثانوية، ثم حملة مؤهلات الدبلوم فوق الثانوية.

وانطلاقاً من الإحصائيات المنشورة نرى أن تفشي الطلاق يعبّر عن وجود اختلالات وسلبيات أكثر من الحد المعقول، الأمر الذي يستلزم من الدول (كما أسلفنا) بذل جهد خاص للحد من هذه المشكلة التي تؤثر بشكل سلبي على باقي أركان المجتمع، وتؤرق مفاصله بطريقة تعطِّل نموَّه بشكل طبيعي. كما يمكن لهذه المشكلة أن تتسبب في خلق مشاكل لم يسبق أن عرفتها مجتمعاتُنا الخليجية وذلك نظراً لتشعب الحياة العصرية وما يتعرض له فيها الفردُ والأسرةُ من مؤثرات كثيرة ومختلفة. إن الحاجة لبذل جهد مضاعف أصبحت ملحةً، بالنظر إلى الآثار الجانبية الأخرى لهذه المشكلة.

وفي هذا الصدد يبدو من بين الحلول المطروحة إنشاء جهات متخصصة تعمل على التقريب بين الأزواج المتوجهين نحو الطلاق، لإصلاح ذات البين كمرحلة أخيرة قبل الإقدام على الطلاق أو لتأخير إجراءاته فتراتٍ أطول مما قد يدفع الزوجين نحو إعادة النظر في قرار الانفصال. كما يمكن تنظيم دورات تثقيفية للمقبلين على الزواج، على أن تكون إلزاميةً لهم جميعاً، بغرض تنويرهم وتثقيفهم حول مسؤوليات ومصاعب المرحلة التي يقبِلون عليها من حياتهم. وهناك المزيد من الإجراءات الجادة الأخرى في هذا الصدد يمكن اتخاذها من قبل الجهات المعنية في الدول الخليجية بغية العمل على وقف استفحال ظاهرة الطلاق حتى لا تصل إلى أبعد مما يمكن السيطرة عليه في المدى غير المنظور.

*كاتب كويتي