اليابان بعد اغتيال رئيس وزرائها السابق شينزو آبي، لم تعد تعيش في فعل كان، بل تبحث لها عن طوق نجاة من غدر الزمان. لقد حاول «آبي» لفترتين رئاسيتين من تغيير المادة التي تنص على منعها من خوض الحروب لأن أميركا هي المتكفلة بالدفاع عنها منذ كارثة هيروشيما وناجازاكي، حتى حانت ساعة شينزو. لماذا تهرول اليابان نحو تغيير لون قبعات جنودها من اللون الأزرق رمز السلام إلى الأخضر رمز الاستعداد للدخول في مواجهات عسكرية دامية، وخاصة وأن تاريخ «ساموراي» لا زال حاضرا في الأذهان؟! 
السبب الأول في أميركا ذاتها، لقد شعرت اليابان من بعد حرب أوكرانيا بالخطر. وهناك من يرى أن أحد أسباب اغتيال «آبي» سعيه الدؤوب لتغيير اتجاه البوصلة العسكرية من خلال تبديل مواد الدستور المانعة، وقد دفع حياته ثمنا لتحقيق هذه الحلم التاريخي للخروج من القيد الأميركي. 
وفقا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية لعقود قادمة، فإن اليابان يمكن لها الدخول في مواجهة عسكرية مع أميركا. 
و هي من الآن تشد الرحال بصمت واقع الحال إلى القمر، لبناء قاعدة عسكرية في محيط الفضاء وجو السماء، استعدادا لخوض حرب عابرة للقارات عبر صواريخ بالستية تفوق سرعة الصوت بأكثر من خمسة أضعاف لتصيب أهدافا مبرمجة في القارة الأميركية فيما تجاوزت حدودها المرسومة من الحرب العالمية الثانية. 
مالذي يجعل أميركا قريبة جدا من اليابان، رغم استعدادها لما هو آت من تصاريف الزمان الآن؟! هناك روسيا والصين وإن كانت أميركا بعيدة عن اليابان جيوسياسيا آلاف الأميال. 
ومن مصلحة أميركا تحويل مستصغر الشرر في بقايا الجزر إلى نار تشعل آسيا لكي تقدم أميركا نفسها كرجل الإطفاء. 
ولكن يبدو بأن هذه الحيل السياسية لم تعد تنطلي على اليابان، لذا تذهب بعيدا للدفاع الذاتي عن نفسها لأن قواعد اللعبة القديمة بدأت تنفصم عراها وتجارب دول «الربيع العربي» بارزة لكل عين بصيرة ولكل فكر أبصر بالعواقب والنتائج الكارثية. 
تقول «إيفانا ساريتش»، كاتبة في موقع «أكسيوس»: إن حزب شينزو آبي، رئيس الوزراء الياباني السابق، يفوز بأغلبية ساحقة في الانتخابات البرلمانية، ما سيمكّنه من تحقيق طموح «آبي» بإصلاح دستور البلاد. 
ستسمح الأغلبية العظمى للتحالف الحاكم بتغيير دستور اليابان، الذي يدعو إلى نبذ الحرب، ما يفتح الباب أمام احتمال أن تصبح اليابان قوة عسكرية كبيرة. 
وعن هاجس اليابان تقول مجلة «ذا ناشونال إنترست»: إن تقرير الدفاع الياباني لعام 2022، يُسلط الضوء على مخاوف استخدام خصوم محتملين لليابان الذكاء الاصطناعي والقدرات النووية والصاروخية.

وتحت عنوان «اليابان تبتعد عن النزعة السلمية»، نشرت شبكة «سي إن إن» تنشر تقريرًا، جاء فيه: موقع اليابان يضعها في بيئة أمنية متقلبة بشكل متزايد، حيث تحيط بها الصين من الجنوب، وكوريا الشمالية المسلحة نوويًا من الغرب وروسيا من الشمال، نتيجة لذلك، حفزت الحرب في أوكرانيا المناقشات حول الأمن القومي لليابان كما لم يحدث من قبل.
*كاتب إماراتي