حذّر تجمع النخبة المالية العالمية في دافوس بسويسرا هذا الأسبوع من المخاطر الناجمة عن المعركة الوشيكة للحد من الديون الفيدرالية الأميركية، وهي أزمة محتملة ألقت بظلالها على الابتهاج بإعادة فتح الاقتصاد الصيني وتقليل مخاطر الركود في أوروبا. وقال رونالد أوهانلي، الرئيس التنفيذي لشركة «ستيت ستريت»، لتلفزيون بلومبيرج في دافوس: «فكرة أننا نتحدث عن هذا حتى بعد ما رأيناه في الماضي، مخيبة جداً للآمال». وأضاف: «ليست هذه هي الطريقة التي يجب أن تحدث بها معركة سياسية، لا تضع في حسبانها حالةَ الأسواق».
بعد مرور أكثر من عقد على مواجهة أزمة سقف الديون التي أدت إلى خفض التصنيف السيادي للولايات المتحدة، واضطراب الأسواق المالية، وضعف الانتعاش الاقتصادي، بدأت خطوطُ المعركة السياسية تتضح مرةً أخرى.
لم يدرك رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي وزملاؤه «الجمهوريون» في المجلس التأثيرَ الاقتصادي والمالي المترتب على التخلف عن السداد، أو خطتهم المقترحة لتحديد أولويات الدفع، وفقاً لمسؤولين تنفيذيين في وول ستريت تربطهم علاقات مع الجمهوريين. وفي ظل تحديد الأولويات، يمكن للكونجرس أن يأمر وزارةَ الخزانة بمواصلة دفع الفائدة وأصل الدين الحكومي، مع تأخير المدفوعات الأخرى، وهي الفكرة التي رفضتها الوزارة في الماضي باعتبارها غير مجدية.
وقال مديران تنفيذيان، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إنهما على اتصال بشكل منتظم مع قيادة الكونجرس على أمل أن يتمكنا من إقناع المشرّعين بتأمين سلامة ائتمان الأمة على المدى الطويل وتنحية الطموح السياسي الشخصي جانباً.
وقد دعا مكارثي، يوم الثلاثاء الماضي، إلى إجراء محادثات مع الرئيس جو بايدن و«الديمقراطيين» في الكونجرس بشأن خطة مالية من شأنها أن تشمل رفع الحد الأقصى. وكرر البيت الأبيض رفضَه لمثل هذه المفاوضات وحثّ على زيادة «لائقة» في الحد الأقصى كما فعل المشرعون من الحزبين في الماضي القريب.
ومع مواجهة وزارة الخزانة الأميركية لخطر نفاد السيولة النقدية بعد أوائل يونيو القادم، لا توجد أي علامة حتى الآن على أي احتمال للتوصل إلى حل وسط. وقد يؤدي الفشل إلى تخلف الولايات المتحدة عن السداد الذي حذرت وزيرة الخزانة جانيت يلين من أنه سيكون مدمراً للاقتصاد.
في عام 2011، اتفق الرئيس باراك أوباما مع الجمهوريين على خطة إنفاق مقابل زيادة حد الدين. ويلقي العديد من الاقتصاديين باللوم على التقشف المالي في تقويض التعافي من الأزمة المالية العالمية.
وقال السناتور كريس كونز (ديمقراطي من ديلاوير وحليف لبايدن)، الأربعاء الماضي، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس: «سياستنا أكثر صعوبةً وانقساماً مما كانت عليه في عام 2011، عندما كان هامش الخطأ صغيراً جداً».
لكن المخاطرَ تتجاوز الولاياتِ المتحدةَ، التي تواجه بالفعل مخاطر ركود مرتفعة في أعقاب حملة تشديد السياسة النقدية الأكثر قسوةً من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي منذ أوائل الثمانينيات.
وقالت جيتا جوبيناث، المسؤولة الثانية في صندوق النقد الدولي، في حديثها مع تلفزيون بلومبيرج: «لا ينبغي أن يكون هذا خطراً إضافياً يتعين على الولايات المتحدة أو العالَم التعامل معه».
وفي الأسبوع الماضي، أخطرت يلين قادةَ الكونجرس بأن وزارة الخزانة بصدد البدء في نشر خطوات محاسبية غير عادية لتجنب نفاد السيولة. وقالت إنه فيما يستحيل الآن تحديد موعد تنفيذ هذه الإجراءات، فمن غير المرجّح أن يكون ذلك قبل أوائل يونيو.
وفي يوم الأربعاء، كرر وزير الخزانة الأسبق، لورانس سمرز، في دافوس أيضاً، تحذيراته بشأن الضرر الناجم عن أي تخلف عن السداد. وقال سمرز في مقابلة مع ديفيد ويستن على تلفزيون بلومبرج في برنامج وول ستريت ويك: «هذه مأساة محتملة تشبه المهزلة.. سيكون من الكارثي وغير المفهوم بالنسبة للولايات المتحدة أن تتخلف عن السداد».
ويطالب الجمهوريون في الكونجرس بتخفيضات كبيرة في الإنفاق بسبب رفع الحد الحالي البالغ 31.4 تريليون دولار. ومن ناحية أخرى، يصر الديمقراطيون على حماية البرامج، بما في ذلك الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، ومجموعة الاستثمارات الاجتماعية والمناخية التي تم سنها في إطار الانتصارات التشريعية التي حققتها إدارة بايدن في وقت سابق. وقال ستيفن شوارزمان، الرئيس التنفيذي لمجموعة بلاكستون، لتليفزيون بلومبيرج، إن المشرعين كانوا عادةً يستخدمون «سقف الديون لإثبات نقطة معينة». وأضاف أن «الجانب الجمهوري يرى أننا ننفق الكثير من المال». وحذّر من أن الاقتراب من التخلف عن السداد له «مجموعة متنوعة من التأثيرات السيئة».


صالحة محسن
صحفية لدى بلومبيرج
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»