في افتتاح عام 2023 كان هناك حدث جديد مهم في علم الكونيات، فقد استطاع العلماء - بمساعدة تلسكوب عملاق في الهند - اكتشاف «إشارة راديو» تنبعث من مجرة تبعد (9) مليارات سنة ضوئية عن الأرض، وهو ما يعني أننا نلتقط إشارة راديو وقعت قبل (9) مليارات سنة، عندما كان عمر الكون نحو (5) مليارات سنة. سعادة العلماء لا توصف لأن هذا هو أول اكتشاف للإشارة اللاسلكية من هذه المسافة الهائلة.

وقد استقرّ الرأي العلمي على أن الإشارة قادمة من مجرة إبّان تشكيل النجوم في النصف الأول من عمر الكون، لكن ذلك الرأي العلمي لم يمنع من استثمار آخرين للحدث الكبير للتأكيد على وجود كائنات فضائية، وأن هذه الكائنات هي التي أرسلت هذه الإشارات اللاسلكية، وأنّهُ يجب العمل الجادّ على ترجمة هذه الإشارات، والردّ عليها.

مع الرغبة المتزايدة لدى ملايين الناس في ضرورة الاتصال بالكائنات الفضائية، والإيمان المتعاظم بوجودها وإمكانية الوصول لها.. ثمّة من يعملون بواقعية أكثر وإن بدا الأمر خياليّاً هو الآخر.. إنه العمل على الذهاب إلى المريخ، وبحث إمكانية الحياة البشرية فوق ذلك الكوكب المجاور.

من الطبيعي أن يحظى المريخ بالاهتمام الأكبر وسط هذا الكون الفسيح، فهو الأقرب والأوضح والأسهل الذي يمكن إنجاز شيء ما بشأنه. ومنذ القرن السابع عشر تطورت الدراسات المريخية، وفي عام 2023 تداولت صحف العالم الصور المذهلة التي نشرتها وكالة ناسا نهاية العام 2022، والتي تكشف روعة الشتاء على كوكب المريخ، كما تكشف عن تساقط الثلوج على قطبيه. حسب العلماء، فإن المريخ ليس غريباً على الثلج والجليد والصقيع، وفي شهر أبريل يكون الشتاء في أقوى مراحله ودرجات الحرارة في أدنى مستوياتها، وفي القطبين تصل الدرجة إلى سالب 123 درجة مئوية.

من المثير في هذا الصدد هو وجود نوعيْن من الثلج في المريخ: الثلج المكون من المياه المجمدة، والثلج الجاف الذي يتشكل من ثاني أكسيد الكربون المجمّد. في نهاية الشتاء يذوب «الجليد المائي»، ويتبخر «الجليد الجاف»، حيث لا ينتقل الجليد الجاف من الحالة الصلبة إلى الحالة السائلة، بل - وبفعل ظاهرة التسامي - ينتقل من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازية.

يدور كوكب المريخ حول الشمس في مدار بيضاوي، وعلى الرغم من أن حجم الكوكب أصغر من حجم كوكب الأرض، إلاّ أن المدار البيضاوي يجعل العام المريخي أطول كثيراً من العام الأرضي، إذْ يصل العام المريخي إلى (687) يوماً.. أي قرابة عامين أرضييْن. يؤكد العلم يوماً بعد يوم وجود المياه على المريخ، ووجود ثلج الماء بكميات كبيرة في القطبيين، حتى أن أحد العلماء أكد أن المرء يحتاج إلى أحذية ثلجية للمشي، كما أنه يمكنه ممارسة رياضة التزلج على جليد المريخ في بعض الحفر والمنحدرات.

كم هو ممتع للغاية أن يتابع المرء «أخبار المريخ»، فكل الأخبار شيّقة وجذابة، وهي تختلف كثيراً عن أخبار العالم في كوكب الأرض حيث أزمات الحروب والطاقة والمناخ والغذاء. ومن يدري.. ربما لو استوطن الإنسان المريخ، لتغيرت نشرة الأخبار في الكوكب الأحمر.

*كاتب مصري