في كارثة إنسانية مروعة، ضرب كلاً من تركيا وسوريا، زلزال مدمر حصد عشرات الآلاف من الأرواح، ودمر آلاف المباني التي انهارت على رؤوس سكانها، معطلاً بذلك شتى مظاهر الحياة في المناطق المنكوبة.
وعند كتابة هذه السطور، كانت جهود دولة الإمارات العربية المتحدة لمساعدة المتضررين ضمن «عملية الفارس الشهم 2» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، جارية على قدم وساق.
والحقيقة أن ما تقدمه دولة الإمارات من عون ودعم يفوق التصور، ويأتي من منطلقات إنسانية بحتة لا يرجى من ورائها جزاءً ولا شكوراً، وينظر إليها على أنها واجب أخلاقي حتمي تجاه أشقاء في العروبة والإسلام، وهذا هو ديدن الإمارات ومنهاجها الذي تسير عليه منذ نشأتها.
لذلك، فإن ليس من المهم لدى الإمارات وأهلها تعديد ما يقدمونه من دعم للمنكوبين، مما تقدمه يمناهم يجب ألا تعلم به يسراهم.

المهم في هذا المقام هو طرح مجموعة من الأسئلة المعيارية والموضوعية التي تهدف إلى فهم ما يوجد لدى البشرية من استعدادات لمواجهة كوارث الزلازل التي تقع حول المعمورة سنوياً، وتحصد الأرواح وتحدث الخسائر، والبشرية تقف أمامها عن فعل أي شيء لمنعها.
وقوع الزلازل والهزّات الأرضية أمر أزلي تعرفه البشرية وتعاني منه منذ بداية الخليقة، ونصيبنا منه نحن العرب والمسلمين ليس بالقليل، فقد شهدت مآسيه العديد من دولنا، لذلك فإن وقوع الزلازل موضوع من الصعب التصدي له بشكل منفرد من قبل دولة واحدة.
قبل أن ننظر إلى المسألة من زاوية عاطفية، نحن نحتاج إلى معرفة قدراتنا العملية الخاصة بالتعامل الكفوء مع تداعيات الكوارث مقارنة بما يمكن لغيرنا أن يفعله.
ونتساءل أولاً ما الذي يعنيه وقوع زلزال مدمر في أية بقعة من بقاع الأرض؟ وللإجابة عن ذلك، انظروا إلى ما تنشره وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من مادة وتصل إلينا لكي نفهم الإجابة ونستوعبها.
وعليه، فإن من المفيد طرح أسئلة يتم اختيارها بدقة لفهم جوانب الموضوع: فما هي الأقطار الأكثر عرضة للتأثر بالزلازل؟ وعند وقوع الزلزال ما هي الأمور الإغاثية التي يجب أن تقدم في بداية الأمر؟ وما هي قوة الزلزال الذي وقع؟ وما هي الاحتمالات الارتدادية له؟ وما هي الوسائل العاجلة للتعامل مع آثاره الأولى؟ وما هي المعلومات والإحصاءات المبدئية التي تحتاج إليها فرق الإنقاذ والدول الراغبة في تقديم المساعدة؟ وهل توجد جهات محددة يتم اللجوء إليها للحصول على المعلومات المبدئية، ثم على الضرورية الكاملة؟
وتوجد أيضاً مجموعة من التساؤلات التي قد لا تتوافر لها إجابات مقنعة وحاسمة تقدم على الفور:
فهل من الممكن التنبؤ بوقوع الكارثة مسبقاً لكي يتم تخفيف آثارها؟ وهل يتوجب على الأمم المتحدة من خلال هيئاتها ووكالاتها المتخصصة أن تكون أكثر كفاءة وتتخذ خطوات عملية لتجنيب المناطق المعنية وقوع الكوارث؟ وهل الآثار الحالية لوقوع الزلازل ناتجة عن قصور في قدرة العالم على التنبؤ بها؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل يحتاج نظام التنبؤ الموجود حالياً إلى إعادة النظر فيه وإصلاحه أو تغييره؟ ومن وجهة النظر هذه توجد مسافة قصيرة للوصول إلى حلول محتملة يمكن أن يؤخذ بها مستقبلاً للتقليل من الآثار المدمرة لوقوع الزلازل التي لا يمكن التنبؤ بها، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن وذلك العلاج لم يخترع بعد.
لذلك، فإن من المؤكد وجود خلل ما في مكان ما. لكن ما هو ذلك الخلل وأين يوجد؟ وكيف يمكن للبشرية أن تقوم بإصلاحه؟ وهل يمكن أن توجد رؤى جديدة؟ وما هي المؤشرات الدالة على ذلك؟ وهل تتجنب البشرية آثار الزلازل المدمرة مستقبلاً؟
إن جميع هذه التساؤلات ستبقى دائرة في أذهان المفكرين، لكن بالنسبة لك أيها القارئ، ما الذي تعتقده حيال ذلك؟ وهل لديك ما يساعد البشرية؟ إن البشرية جمعاء في حاجة إلى من ينقذها ويحميها من هذا الخطر الذي يأتي فجأة لك ويخطف أرواح البشر في ثوانٍ معدودات، فهل من مغيث؟
*كاتب إماراتي