أياً كان ما أنجزه ديفيد مالباس أثناء رئاسته للبنك الدولي، فإنه سيُذكر حتماً بسبب ارتكاب خطأ فادح كبير بشأن تغير المناخ. ورحيله يمنح البنك فرصة ذهبية لا تنسى لسعيه الجاد والسريع في الاتجاه المعاكس. سيتنحى «مالباس» عن رئاسة البنك في شهر يونيو المقبل، قبل عام تقريباً من انتهاء فترة ولايته وبعد حوالي خمسة أشهر من تقديم عبارات مختلطة يصعب فهمها عندما سُئل عما إذا كان يعتقد أن البشر يساهمون في تغير المناخ عن طريق حرق الوقود الأحفوري. خلال الجدل الذي أعقب ذلك، تراجع مالباس عن تعليقاته، وأخيراً رد على السؤال بالإيجاب. ووعد البنك الدولي الشهر الماضي بالتركيز أكثر على تغير المناخ. لكن هذا الوعد جاء بعد ضغوط من حكومة الولايات المتحدة ودول مجموعة السبع الأخرى، التي دعت إلى «إصلاح جوهري» للبنك المعني بالتنمية.

غير أن رحيل مالباس يخلق فرصة لبدء تلك العملية. لقد حان الوقت لكي يصبح بنك التنمية «الرائد في مجال تغير المناخ الذي نحتاجه»، كما كتب مؤسس بلومبيرج، مايك بلومبرج، الأسبوع الماضي. لسبب واحد، يجب على البنك أن يضع تغير المناخ في صميم تفويضه لمكافحة الفقر وتعزيز التنمية العالمية.

ارتفاع درجة حرارة العالم والطقس القاسي الناجم عن تغير المناخ لن يؤدي إلا إلى تفاقم الفقر والحاجة الملحة إلى وجود بنية تحتية أكثر موثوقية. وعد البنك الدولي بتوجيه 35% من إجمالي تمويله - الذي بلغ 115 مليار دولار العام الماضي - لمشاريع المناخ بحلول عام 2025. هذا ليس كافياً تقريباً.

بنوك التنمية العالمية الكبرى الأخرى لديها بالفعل أهداف بنسبة 50%. لا يجب على البنك فقط تخصيص المزيد من أمواله العامة للقضية ولكن أيضاً استخدام سلطته لتشجيع المزيد من الاستثمار الخاص في التكنولوجيا النظيفة. يمكن للبنك أن يساعد في جذب الأموال الخاصة من خلال دعم المشاريع المتعلقة بالمناخ، والتي قد يعتبرها المستثمرون محفوفة بالمخاطر، كما أشار مايك.

كما هو الحال مع أي حالة أخرى من الأموال العامة التي تؤمن الاستثمارات الخاصة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى مشكلة أخلاقية. ولكن مع توفير الضمانات، فإن الأمر يستحق المخاطرة بسهولة، نظراً لأن الأمر يمنحنا الأمل في وجود كوكب صالح للعيش. من ناحية أخرى، يجب أن يكون البنك أيضاً أكثر شفافية حول الاتجاه الذي تتجه إليه أمواله المتعلقة بالمناخ.

وصفت دراسة حديثة أجرتها منظمة أوكسفام مطالبات التمويل المناخي بأنها «صندوق أسود» يمكن المبالغة فيها بنسبة تصل إلى 40%. إن وجود القيادة الصحيحة على رأس البنك الدولي لن يحل جميع مشاكله، لكنه سيكون نقطة انطلاق مهمة. بصفتها أكبر مساهم في البنك، يتعين على الحكومة الأميركية اختيار رئيس البنك القادم، وقد كانت دائما تختار الأميركيين.

لقد أصبح هذا التقليد أقل منطقية بشكل متزايد على مر السنين، حيث طالبت الدول النامية عن حق بمزيد من التأثير في كيفية تقسيم فطيرة التمويل الخاصة بها. يمنح رحيل مالباس إدارة بايدن فرصة للبحث في العالم بأسره عن المرشح المناسب لخلافته.

إن الدول النامية هي أول ضحايا الخراب الذي أحدثه كوكب يزداد احترارا، وهو المنظور الذي سيحتاجه البنك الدولي بينما يخصص الموارد. وسيكون الأشخاص الذين يواجهون تغير المناخ وجهاً لوجه أقل ميلا بكثير لإنكار وجوده. في سياق متصل، ارتفعت بورصة التكهنات حول المرشحين لرئاسة البنك الدولي.

وطرح المسؤولون الأميركيون وخبراء المناخ أسماء عدد من الشخصيات البارزة لشغل المنصف خلفاً للرئيس الحالي للبنك الدولي ديفيد مالباس. ووفقاً للأسماء المرشحة، برزت أسماء عدداً من المرشحين للمنصب، ولم تقتصر على المسؤولين الأميركيين وأبرزها:

- نعمت شفيق (مينوش شفيق)، وهي خبيرة اقتصاد ومن مواليد مصر عام 1962، وتحمل الجنسيتين الأميركية والبريطانية، وتشغل حالياً منصب رئيس كلية لندن للاقتصاد، وشغلت في السابق منصب نائب محافظ بنك إنجلترا، ونائب المدير العام لصندوق النقد الدولي.

- نجوزي أوكونجو إيويلا، هي المديرة الحالية لمنظمة التجارة العالمية، وكانت مسؤولة سابقة بالبنك الدولي.

-  جايل سميث، هي المدير السابق للوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) تحت إدارة أوباما، وتشغل حالياً منصب الرئيس التنفيذي لمنظمة غير حكومية، تركز على مواجهة الفقر والأمراض التي يمكن الوقاية منها.

- سامانثا باور تقود الوكالة الأميركية للتنمية الدولية حالياً، وهي مدافع قديم عن حقوق الإنسان ودبلوماسية وصحفية سابقة. ·

- راجيف شاه هو المدير السابق للوكالة الأميركية للتنمية الدولية في عهد أوباما، وهو حالياً رئيس مؤسسة روكفلر، وهي مجموعة خيرية تقول إنها تهدف إلى «تعزيز رفاهية البشرية في جميع أنحاء العالم».

-  والي أديمو، هو نائب وزير الخزانة الأميركية، الذي لعب دوراً رائداً في تنسيق العقوبات والإجراءات الأخرى ضد روسيا لمحاولة قطع التمويل عن العملية الروسية في أوكرانيا.

مارك جونجلوف*

*كاتب متخصص في تغير المناخ.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»