عند رؤية مشاهد الدماء والدمار في اسرائيل والأراضي المحتلة، يدور الحديث عن «دوامة العنف». من وجهة النظر هذه، تكون العداوات الراسخة والضرورات الوجودية التي تدفع الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين قوية جدا لدرجة أنها تخلق منطقهم الفتاك، وهو سلسلة متعرجة من الأعمال الوحشية التي تعود إلى قرن كامل.

امتدت هذه السلسلة من خلال بضع روابط أخرى في نهاية الأسبوع الماضي عندما نزلت قوة منظمة من المستوطنين الإسرائيليين المتجاوزين للقانون على بلدة حوارة بالضفة الغربية يوم الأحد ونفذت هجوما مميتا ومدمرا، مما أدى إلى إحراق عشرات المنازل وعشرات السيارات. ووصفت بعض الدوائر الاسرائيلية والفلسطينية الغارة بأنها «مذبحة»، أودت بحياة فلسطينياً واحداً على الأقل عمره 37 عام، الذي كان قد عاد لتوه من مهمة في تركيا كعامل متطوع في الإغاثة من الزلزال – بالإضافة إلى إصابة ما يقدر بمئات آخرين وأصيب مجتمع بأكمله بالصدمة.
وقد تم وصف هجوم المستوطنين بأنه عمل انتقامي بعد أن فتح مسلح فلسطيني النار على تقاطع مرور بالقرب من حوارة، مما أسفر عن مقتل شقيقين كانا يعيشان في مستوطنة يهودية قريبة. كان هذا الهجوم نفسه على الأرجح ردا على غارة عسكرية إسرائيلية على مدينة نابلس الأسبوع الماضي أسفرت عن مقتل 11 فلسطينيا - من بينهم نشطاء ومدنيون. وفي يوم الاثنين، كانت هناك تقارير عن هجمات فلسطينية جديدة على المركبات المملوكة لإسرائيليين في الضفة الغربية. وهكذا تدور العجلة الدموية، وتستمر دائرة العنف.
لقد صاحب تنصيب الحكومة الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل في بداية العام تصاعد ملحوظ في أعمال العنف. منذ بداية العام، قتل الجنود والمستوطنون الإسرائيليون ما لا يقل عن 61 فلسطينيا - مدنيون ومسلحون. وبدأت موجة جديدة من التشدد في الضفة الغربية، والتي يقول المحللون إنها تغذيها الغضب من الاحتلال العسكري الإسرائيلي وتصاعد عنف المستوطنين بالإضافة إلى خيبة الأمل من الوضع السياسي الراهن السائد الذي تمثله السلطة الفلسطينية التي لا تحظى بشعبية كبيرة.
والعنف في حوارة هو «تذكير آخر محزن يمكن التنبؤ به بأن الأحداث على الأرض تخرج عن نطاق السيطرة وستستمر في ذلك في غياب تغييرات منهجية حقيقية»، كما أشار منتدى السياسة الإسرائيلي الوسطي في بيان بعد أعمال العنف يوم الأحد. وقال: «الجمع بين حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة تصعد المواجهات مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وحركة شبابية فلسطينية مكرسة حديثا للإرهاب والكفاح المسلح كأشكال مفضلة للمقاومة لن يؤدي إلا إلى المزيد من هذه الأحداث».

كما أنه لم يبدو أن هناك فجوة واسعة بين المستوطنين وبعض الشخصيات في الائتلاف الحاكم بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والذي يعتمد على دعم الفصائل المتطرفة المؤيدة للمستوطنين وطرح أجندة تتضمن المزيد من ضم الأراضي الفلسطينية وسن التشريعات التي من شأنها إضعاف الحقوق السياسية لغير اليهود.

 

يتهم مراقبون فلسطينيون قوات الأمن الإسرائيلية والمستوطنين بالتحريض عمداً على العنف من خلال القيام بعمليات توغل شبه يومية، وزيادة في عمليات هدم المنازل واتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل.
مع انتشار العنف في أنحاء الضفة الغربية، عقد مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون اجتماعا في مدينة العقبة الساحلية الأردنية خلال عطلة نهاية الأسبوع في محاولة لإعادة بعض الهدوء إلى الوضع المتدهور بسرعة. لكن البيان المشترك الذي أشار إلى أن إسرائيل ستجمد مؤقتا خطط بناء المستوطنات رفضه بن غفير وسموتريتش، وحتى نتنياهو تراجع عن الإعلان.
إدارة بايدن سعت إلى حد كبير في اتجاه إشراك نتنياهو دون أن تضع في الحسبان حلفائه اليمينيين المتطرفين. قد يتبين أن هذا النهج لا يمكن الدفاع عنه في الأشهر القادمة. ويمكن الشعور بمخاوف مماثلة بين قيادات دول مثل الإمارات والسعودية. وهذه التوترات تنعكس سلباً على علاقات إسرائيل بمحيطها الإقليمي. 


ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»