يبدو أن قلم الرصاص هو الأمثل في اختزال الحالة العربية سياسياً واجتماعياً حتى مع تراجع مكانته في واقعنا اليومي، إلا أنه يحضر إلكترونياً في الفضاء الافتراضي، وبشدة في حالتي التوافق والتباين السياسي والرياضي ولسبب بسيط، لأنه قابل للمسح في حالته الصلبة أو المائعة إلكترونياً.

حالة الاستدحاس والاغتبار (نسبةً لحرب داحس والغبراء) العربية لا تنقصها سيوف الوطنجية في المتن وهوامش الفضاءات الافتراضية مهما تعاظمت أمثلة التحول في شخص وشخوص الدول والمكان، فهي تقتات على إثبات الولاء قبل أي أمر مما قد يعرضها للخروج من مشهد التوازن الإعلامي افتراضياً ومرئياً، ولهم في فرسان الترامبية أبلغ دليل. وأما ما فات الاثنان (فرسان الوطنجية والترامبية العرب) هو أن السياسة في طبعها وطبيعتها لا تحتكم إلى ثوابت غير قابلة للاستدامة، خصوصاً إن تعارضت والمصلحة الوطنية، إلا أن التباين في كل أحواله يعبر عن مرحلة انتقالية. وينبغي كذلك أمر التعاطي مع إفرازات التباين من ظواهر صوتية لا تفقه شؤون التزاحم من وطنجية في هيئة أقلام الرصاص.

ما يعظم من مساحة التباينات هو غياب موقف من الإعلام الوطني وحضور الآخر الدولي من على أرض جغرافيتنا ليتفرد في نسج سرديته الخاصة، وقبول الرأي العام المحلي بها، بل واعتمادها مرجعاً في تطوير سردياته الخاصة من منظور فرسان الوطنجية. وهنا تتحول الحالة من محلية إلى أخرى إقليمية، ويقوم الإعلام الدولي بقصد أو دون قصد في الاستثمار في الخبر وتطوير الرواية.

بعد «الصحوة» جاء المؤثرين (فشينستات وفاشيناتيون) ومعهم الوطنجية، إلا أن جائحة كورونا (كوفيد-19) عجلت في تحييدهما ولو نسبياً، إلا أن الثابت الوحيد هو تأصل حالة الإنكار لدى إعلامنا الوطني والإقليمي في شأن تعاطيه وفهمه للتباينات، فهي جزء أصيل من ديناميكية التحول وتطوير الدولة لأدواتها. لذلك لا يجوز ترك أمر تفسيرها للمستدحسين والمستغبرين لأنها الثابت المتعاظم من حيث الحضور مستقبلاً، وذلك طبيعي نتيجة التزاحمات الكبرى في الفضاء الإقليمي، وستكون الثابت المستدام نتيجة لتعاظم مكان ومكانة الإقليم جيواقتصادياً وليس جيوسياسياً فقط. لذلك سوف تتعاظم أطر بعض التفاصيل (التباينات) نسبياً، إلا أنها تظل مرحلية.

الماء لا يجري باتجاه الأعلى، لذلك يتوجب على إعلامنا التجاسر على الممكن (ولو من باب التجربة) في الاعتراف بوجود التباينات، وترك أمر شرح المواقف للدول ومؤسساتها الرسمية، وأن يدرك المنخرطون في الشأن الإعلامي أن ما يعتبر حياداً هو في واقع الأمر إدمان حالة تسجيل غياب.

*كاتب بحريني