في عصر تتوارد فيه الأخبار السيئة عن المناخ بكثافة وسرعة، جاء أحدث تقرير لوكالة الطاقة الدولية عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية على الأقل مطعماً بالقليل من الجوانب الإيجابية. وإليكم أولاً، الجانب السلبي.

فقد نما الإجمالي العالمي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن توليد الطاقة والعمليات الصناعية 0.9 بالمئة ليبلغ 36.8 جيجا طن عام 2022. وهذه زيادة أقل مما كان يخشى في بداية الأمر، لكنه فوز هزيل، فما زال هذا ينقلنا إلى أعلى مستوى على الإطلاق. وساهمت عوامل كثيرة في الارتفاع، بما في ذلك المناخ المتطرف والمفاعلات النووية، التي هي خارج الخدمة والتطورات الجيوسياسية.

وتوليد الكهرباء والحرارة كانا الأكثر مساهمة في تفاقم الانبعاثات. ومع تعطيل الحرب في أوكرانيا لإمدادات الغاز الطبيعي، تحولت دول بما في ذلك الهند وإندونيسيا إلى البديل الأرخص المتمثل في الفحم. وارتفعت الانبعاثات العالمية الناتجة عن توليد الطاقة من الفحم 2.1 بالمئة أو ما يعادل 224 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.

وفي جميع القطاعات، كان الوقود مسؤولاً عن إطلاق 15.5 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، والارتفاع بنسبة 1.6 بالمئة تجاوز بكثير متوسط معدل النمو السنوي للعقد الماضي. والآن إليكم أول بشائر الجوانب الإيجابية. فقد أدى نشر تقنيات توليد الطاقة من الرياح والشمس وغيرها من التقنيات النظيفة مثل المضخات الحرارية والمركبات الكهربائية إلى منع انبعاث نحو 550 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

ومن دون النمو في مصادر الطاقة المتجددة، ليبلغ ارتفاع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون نحو 2.3 بالمئة. وهناك ما يبعث على التفاؤل بشأن القدرة على تحديد رقم للتأثيرات الإيجابية للتكنولوجيا التي نعلق عليها آمالنا، وأخيراً قد نبدأ في هبوط منحنى انبعاثات الوقود الأحفوري في عام 2025، وفقاً لشركة ريستاد أنيرجي لأبحاث قطاع الطاقة. لكن الآن ليس الوقت المناسب لبدء التصفيق. وللتوضيح للمبتدئين، يتعين علينا اعتبار استخدام الأراضي كمصدر للانبعاثات، كما كتب زميلي ديفيد فيكلنج. وللوفاء بهدف اتفاقية باريس الخاص بتقييد ارتفاع حرارة الكوكب عند 1.5 درجة مئوية، سيتعين علينا تحقيق انخفاض 45 بالمئة في الانبعاثات العالمية عن مستويات عام 2010 بحلول عام 2030.

ومع بقاء سبع سنوات فقط، ارتفعنا الآن 13 بالمئة تقريباً عن مستويات عام 2010. وفي الرؤية الأوسع للأمور، فإن تجنب بضع مئات الملايين من الأطنان من الانبعاثات هو قليل. صحيح أن الاستخدام الواسع للفحم أمر محبط للغاية، لكن هناك نقطة ثانية من الإيجابية. فقد كان الاتحاد الأوروبي في بؤرة أزمة الطاقة التي سببتها الحرب الروسية في أوكرانيا.

وعانت القارة من جفاف شديد قلص من قدرتها على توليد الطاقة الكهرومائية، ومع توقف مفاعلات كثيرة عن العمل لصيانتها، انخفض إنتاج الطاقة النووية في فرنسا إلى أدنى مستوى منذ 30 عاماً. ومع ذلك، وعلى الرغم من كل هذه الصعاب، شهد الاتحاد الأوروبي انخفاضاً بلغ 2.5 بالمئة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وعلى الرغم من الشتاء المعتدل، يعود جزء كبير من الفضل في هذا التحول إلى نشر التكنولوجيا النظيفة والتغير السلوكي من المواطنين الذين قلصوا استخدامهم للكهرباء.

وما نراه هنا بالطبع هو الانقسام بين الدول التي يمكنها تحمل كلفة التخلص من الكربون، والدول التي لا تستطيع ذلك. فلم تتمكن الاقتصادات الناشئة في آسيا من الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، وبمجرد أن أصبح الغاز عزيز المنال عليها، واجهت الخيار بين حرق الفحم أو انقطاع الكهرباء والظلام.

وفي غضون ذلك، كان لدى أوروبا الوسائل اللازمة لتخزين الغاز ونشر طاقة الرياح والطاقة الشمسية على نطاق واسع. ويوضح نجاح الاتحاد الأوروبي في خفض الانبعاثات أنه من الممكن تخفيف حدة الأزمة بطريقة نظيفة وخضراء ومستدامة. وسيتمثل التحدي الآن في الحفاظ على تصاعد الزخم الكامن وراء تلك التغييرات السلوكية ونشر مصادر الطاقة المتجددة. لكنها أيضا تذكرنا بأن هذا لن يجدي ما لم نقدم للدول الأقل ثراء مزيدا من التمويل والاستثمار في مجال المناخ أيضاً.

*صحفية تغطي تغير المناخ.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكشن»