كشف زعماء الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا عن خطة لتزويد أستراليا بغواصات تعمل بالطاقة النووية، في شراكة ثلاثية جديدة تسعى إلى تحقيق الهيمنة البحرية في المحيط الهادي. الخطة، المعروفة بـ«أوكس»، أُعلن عنها أول مرة في 2021.

ومن المتوقع أن تسلّم الغواصات المتطورة – التي ستكون الدفعة الأولى منها أميركية الصنع – اعتباراً من أوائل 2032، أي على بعد عقد من الزمن تقريباً، ولكن قبل سنوات من الإطار الزمني الذي توقعه الكثيرون، كما قال مسؤولون غربيون، وافقوا على الحديث على غرار آخرين أشخاص استجوبوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لحساسية الموضوع.

ومن المنتظر أن يكشف الرئيس بايدن، ورئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبنيز، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عن تفاصيل الشراكة الجديدة على متن غواصة «يو إس إس ميزوري» في سان دييغو. وقال محللون إنه إذا تحققت، فإنها يمكن أن تصبح أهم شراكة ثلاثية في تكنولوجيا الدفاع في التاريخ الحديث. الغواصات الأولى التي ستصل ستكون الغواصات الأميركية الهجومية المتطورة من فئة فرجينيا.

وستشتري أستراليا ما يصل إلى خمس من الغواصات، التي يقول خبراء إن كلفتها تبلغ حوالي 3 مليارات دولار للغواصة الواحدة. النموذج الأقوى سيكون بريطاني التصميم – فئة جديدة كليا ستسمى «إس إس إن – أوكس»، التي ستخلف «أستوت» الحالية – وستحتوي على تكنولوجيا أميركية متطورة.

ومن المتوقع أن تسلّم الدفعة الأولى من هذه الغواصات في الأربعينيات، وفقاً لمسؤولين. والهدف هو أن تكون أستراليا قادرة في العقد المقبل على بناء غواصاتها الخاصة من طراز «إس إس إن – أوكس»، وإن كانت تكنولوجيا الدفع النووي ستأتي من البريطانيين أو الأميركيين. الغواصات لن تحمل أسلحة نووية. والتزمت أستراليا باستثمار «متناسب» في القدرة الصناعية الأميركية والبريطانية، وعلى مدى العقود القليلة المقبلة ستنفق أكثر من 100 مليار دولار على شراء الغواصات، وبناء قدرتها الصناعية الخاصة، وكذلك دعم قدرة أميركا وبريطانيا في بناء السفن، كما قال مسؤولون.

غير أنه حتى مع تدفق المال، تظل هناك بعض التحديات الهامة، وفقاً لبعض الخبراء في مجال الدفاع، الذين يشككون في قدرة أحواض بناء السفن الأميركية والبريطانية المجهَدة أصلاً على تولي مشاريع إضافية وفي الوقت نفسه تلبية احتياجات قواتها البحرية من الغواصات. غير أن المشروع يُظهر، كما يقول مسؤولون من الإدارة، أن أوروبا قلقة بشكل متزايد بشأن التوترات في منطقة المحيط الهندي - المحيط الهادي، وأن بريطانيا بشكل خاص تحدوها طموحات للعب دور أكبر في مواجهة النزعة التوسعية الشرسة للصين في المنطقة. وتهدف الشراكة إلى إدماج قدرات متطورة بين ثلاثة حلفاء بطريقة يعتقد مسؤولون أنها ستبعث بإشارات إلى بكين مفادها أنها تشتغل في بيئة أمنية أقل تساهلاً.

«إنه مشروع ضخم وبالغ الأهمية»، هكذا قال السفير الأسترالي إلى الولايات المتحدة، آرثر سينودينوس، الذي كان يتحدث عن أوكس بشكل عام، «لأن الأمر يتطلب جهداً وطنياً كبيراً لإنجاز ذلك. وعلى غرار لحظة إطلاق مركبة فضائية إلى القمر، فإنه يمكن أن تكون له فوائد غير مباشرة مهمة على بقية الاقتصاد، بما في ذلك قطاع التكنولوجيا المتقدمة».

وفي الأثناء، بدأت بعض عناصر المشروع منذ بعض الوقت. إذ يدرس حالياً أطقم غواصات أستراليون في أقسام دراسية أميركية وبريطانية. وفي وقت لاحق من هذا العقد، ستتدرب أطقم أسترالية على غواصات أميركية سترسل لأول مرة إلى أستراليا على نحو تناوبي – ما يمثّل تطوراً كبيراً في وضع القوة الأميركية في المنطقة، كما قال مسؤولون من إدارة بايدن. والهدف هو سد «هوة القدرات» التي توجد حالياً في البحرية الأسترالية. وقال مسؤولون رفيعون في الإدارة الأميركية إن أولى الغواصات الهجومية الأميركية من فئة فرجينيا ستصبح تحت السيطرة العملياتية الأسترالية اعتباراً من 2032.

وتُعد غواصات فئة فرجينيا، القاتلة والتي يصعب رصدها، الغواصات الأكثر تطوراً وستمنح الأستراليين القدرة على تحديد موقع غواصات وسفن الأعداء وإغراقها، إلى أن يستطيع البريطانيون بناء غواصة الجيل المقبل التي تعمل بالطاقة النووية.

والجدير بالذكر هنا أن الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية لديها مدى غير محدود تقريباً، وتستطيع البقاء تحت السطح إلى ما لا نهاية – ولا تصعد إلى السطح إلا من أجل التزود بمخزون الطعام لطاقمها. وفي الأثناء، ستشتري كانبيرا ما يصل إلى خمس غواصات من فئة فرجينيا، قصد استبدال أسطولها القديم من الغواصات من فئة كولينز التي تعمل بالديزل. ومن المرتقب أن تزوَّد غواصات «إس إس إن – أوكس» بالدفع النووي الأميركي. وتعد هذه التكنولوجيا حساسة للغاية - ما حدا بأحد المسؤولين إلى تسميتها بـ«درة تاج أمن بلدنا القومي» – لدرجة أن الولايات المتحدة لم تتشاركها سوى مع بلد واحد فقط هو بريطانيا.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنسينج آند سينديكيشن»