شكَّل الاتفاقُ الأخير بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية نقطةَ تحول مفصلية في تاريخ العلاقات بين البلدين، على مستوى منطقة الخليج العربي والمنطقة الشرق أوسطية بشكل عام. فهذا الاتفاق الذي كان نتاج وثمرة جهود مشتركة طويلة جداً سوف تكون له نتائجه الإيجابية على المنطقة بشكل عام، إذ ستجني منه امتيازات ونجاحات غير محدودة.

فعلى سبيل المثال سوف يخلق هذا الاتفاق حالةً من الهدوء وتقليص الاضطراب الحاصل في أجزاء من المنطقة جراء سنوات التوتر والضغط التي خلّفت الكثير من الخسائر وتسببت في إهدار الكثير من الفرص والإمكانات.

وفي تقديرنا أن ظهور هذا الاتفاق في هذا الوقت بالذات هو ما تحتاجه منطقة الخليج العربي خصوصاً ومنطقة الشرق الأوسط عموماً، في ظل الأوضاع الحالية. وسوف يعمل الاتفاقُ على تغيير وجه المنطقة نحو الشكل الإيجابي الذي سينقلها إلى آفاق أكثر رحابةً. فالمنطقة أصابها الإنهاكُ جراء الأحداث التي حصلت فيها خلال الفترات الماضية، وسوف تجني ثمار الاتفاق الجديد وسيتحقق الانتعاش المنشود بإذن الله تعالى.

وكما أسلفنا، فإن إيجابيات الاتفاق سوف تنسحب على بؤر توتر أخرى في منطقة الشرق الأوسط ككل سوف يطالها جانبٌ مهمٌ من الإيجابيات وسيوجهها نحو السلام والأمان اللذين افتقدتهما. ويضاف لذلك كله القول بأن جهود المملكة العربية السعودية التي بذلتها في هذا الاتفاق كانت جهوداً مضنية وكانت تعبيراً عن رؤية بعيدة المدى على الصعيد السياسي لمستقبل المنطقة، المرتبط مع بعضه البعض، إذ اتضح أنه من الصعوبة بمكان نجاح دول في منطقة الخليج العربي دون نجاح دول أخرى.

لقد تحمّلت المملكةُ العربيةُ السعوديةُ كثيراً من أجل الوصول إلى اتفاق تاريخي مسؤول كهذا الاتفاق الذي شكّل ثورةً بالمعنى الحقيقي للكلمة، وأثبت بعدَ نظر القادة في المملكة نحو مستقبل البلاد والسعي لتحقيق المصلحة العامة للمنطقة ككل. إن الاتفاق السعودي الإيراني يمثل منعطفاً مهماً في تاريخ المنطقة ومستقبلها خلال المرحلة القادمة.

ولتحقيق النتائج الكبرى المرجوة منه، يتعين الالتزام به عبر الضمانات التي اشتمل عليها، وهذا أمر مهم للغاية إذا ما أرادت أطرافُ الاتفاق استمراريتَه واستدامتَه، انطلاقاً من الإدراك بأن منطقة الخليج العربي بحاجة لمثل هذا الاتفاق اليوم، بغية استكمال مسيرتها التنموية والاجتماعية والسياسية، وعلى أكثر من صعيد.

*كاتب كويتي