الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم رحمه الله، لا يُبارى في ميدان الرياضة بمفهومها الشامل، فهو رائدها في الدولة منذ ستينيات القرن الماضي. فإذا ذُكر«نادي النصر» ذُكر حمدان معه، وإذا ذكر الفرس أو الخيل كان حمدان فارسه وخياله بجدارة، وإذا ذكر الطير كان هو صائده الأمهر.
نحن جيل «نادي النصر» بلا منافس لأسباب موضوعية بعيداً عن نبرة التعصب، هو النادي الأول في إمارة دبي. وبالنسبة لي كان قريباً من منطقتنا السكنية بحيث كان بالإمكان الوصول إليه مشياً على الأقدام.
تأسس النادي الذي كان شعاره (روح.. شباب.. قوة)، في العام 1960، ولكن في تأسيسه كيفية نذكرها للتاريخ ولتقوية جيل الحاضر به.
في سنة 1945 شهدت دبي أول نادٍ رياضي، وكان في منطقة (الشندغة) ببر دبي وكان يحمل اسم (النادي الأهلي).
استمر النادي يؤدي رسالته حتى عام 1959، حيث ظهرت عليه علامات الضعف. ومن بين شباب النادي الأهلي.. ظهرت نخبة تطالب بإعادة تنظيم النادي وإعادة نشاطه تحت اسم نادي النصر الثقافي الرياضي.. وتمكنت تلك المجموعة من تأسيس نادي النصر رسمياً عام 1960 وقد كان على رأس المؤسسين: سعيد بوجسيم، إبراهيم جمعة، جمعة الفرد، محمد عبدالله الصاروخ، إسماعيل الجرمن، ميرزا عبدالله، يوسف حبيب، أحمد حمدان بوديس، جمعة جعفر وعبدالرحمن الرستماني. وبقية الأعضاء هم من طلبة المدارس الصغار الذين عملوا بكل طاقتهم في سبيل رفع نشاط النادي.
يبدو أن تغيير اسم النادي منذ التأسيس من الأهلي إلى النصر له دلالة معنوية واضحة في التحفيز والوثوب نحو تحقيق النصر من بعد الضعف، وقد أخذت العملية نحو خمسة عشر عاماً وهو ليس بالزمن القصير للتغيير بعد التفكير العميق.
وكذلك هناك نقطة مهمة للغاية في تقديم الثقافة على الرياضة في اختيار اسم النادي، وتحوي دلالة الوعي المبكر بضرورة الثقافة الرياضية، وهي روحها الوقادة كما ورد ضمن شعاره.
الثقافة هي الوعاء الحقيقي للحفاظ على الروح الرياضية عندما تتداخل الأرجل في الملاعب ويبرز التلاسن بين الفرق المتنافسة أثناء موسم الدوريات المتلاحقة.
فثقافة العقول هي التي يجب أن تتحكم في حركة أرجل اللاعبين عندما تتضح ملامح الفوز وتسيطر على فلتات اللسان عند ما تحين ساعة الهزيمة، فالنصر والهزيمة دائرية الشكل في هندسة الرياضة.
خلال أكثر من ستة عقود متواصلة من العمل الدؤوب حوّل الشيخ حمدان نادي النصر هذا الصرح المميز بالأجيال التي تخرجت في هذا المصنع، إلى مفهوم آخر للرياضة من كونها محصورة في ناد إلى مؤسسة وشركة متكاملة الأركان، تستطيع القيام بذاتها في حال احتاجت المزيد من التمويل من أجل اللحاق بمستجدات الحركة الرياضية عبر الأزمنة المتغيرة.
هذا الفكر الرياضي الريادي في التعامل مع كافة الرياضات كان راسخا في رؤيته منذ وقت مبكر نحو العالمية، والتطلع نحو المستقبل في البناء السليم ليس فقط للجسم السليم، بل أيضاً بالفكر السليم لإدارة الرياضة بشكل دائري كذلك، وليس كالهرم التراتبي كما هو في المؤسسات البيروقراطية التقليدية.
* كاتب إماراتي