مسيرة بناء الدول وتثبيت الأمن والاستقرار وضمان الاستمرارية مسيرة صعبة، يعرفها من قرأ التاريخ وراقب حراكه وتطوره وتأمل مصائر الشعوب والدول، وهي مسيرة تتراكم جيلاً بعد جيلٍ، لا في التعايش مع الواقع، بل في الطموح للمستقبل للدول الفتية والناجحة والمؤثرة.

قراراتٌ مهمةٌ، ولحظة تاريخية تؤكد المؤكد وتثبّت المنجز وتتطلع للمستقبل، تلك التي أصدرها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة بتعييناتٍ جديدة لعدد من المناصب لسمو الشيوخ، منصور وهزاع وطحنون أبناء المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ولسمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولياً لعهد أبوظبي، رجالات دولةٍ خبروا فنون الإدارة والحكم وكانوا على الدوام نعم العون لرئيس الدولة في تنفيذ رؤيته الشاملة للدولة والشعب لعقودٍ قادمة من عمر الزمن.

طبيعيٌ أن تنهال التهاني من الدول الشقيقة والصديقة المحبة للإمارات وقياداتها والعالمة بمكانتها، وأكثر منها استبشار الشعب الإماراتي بقيادته ودولته ومستقبله، لمعرفة الجميع بأهمية استقرار الدول وتأثيره البالغ على نفسها ومنطقتها والعالم، خصوصاً في دولة قوية ومؤثرة مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تمضي للأمام تحت قيادة رئيس الدولة وبقراراته المباشرة ووفق رؤيته المعلنة وبأمن وسلامٍ تاميْن، وبدعم كامل من كل مكونات الشعب، قياداتٍ وأفراداً، ووفق دستورٍ واضحٍ وأنظمةٍ معلنةٍ، وهي تهدف لضمان استمرارية القرار السياسي ووحدته وضمان التطوير المطلوب والمستمر نحو مستقبل أفضل.

الشفافية الكاملة في قراراتٍ مصيرية بهذا الحجم إنما هي مؤشرٌ على قوة الدولة ووضوح رؤية القيادة والرسالة واضحة داخلياً وإقليمياً ودولياً، استقرار الدولة وثبات مؤسسة الحكم وتثبيت الأمن والسكينة والطمأنينة نهجٌ ثابتٌ لا محيد عنه في جليل الأمور ودقيقها.

حجم المنجز وتراكم النجاحات يشكلان تحدياً للقيادات الجديدة والأجيال المتوثبة، والقادة يرون في التحديات فرصاً لا معوّقاتٍ. والقارئ لتاريخ أسرة آل نهيان الكريمة يجدها معرقة في التاريخ، والقيادة تتوارث المجد كابراً عن كابرٍ منذ مئات السنين، فحداثة عمر الدولة الحديثة هو إنجاز يضاف لما سبقه من قبل ومحفزٌ لما سيلحقه من بعد، ورسوخ المشروعية السياسية ووحدة الشعب والقرار هي خير داعمٍ وموجه ومرشد نحو تعزيز مسيرة البناء والتطوير والأمن والتنمية.

تعيش دول الخليج العربية في أمن وأمانٍ ظاهرين وفي استقرارٍ سياسي وتنمية مستحقة، ويتقلب مواطنوها بين السعادة والرفاه اللذين هما من واجبات الدولة الحديثة، وقد حدث هذا في ظل منطقة شهدت اضطراباتٍ وحروباً ومحاور وصراعاتٍ، وحجم النجاحات المستمرة لعقودٍ في تثبيت ذلك وتطويره والبناء عليه تجعل البعض يغفل عما يجري في المنطقة والعالم اليوم وما جرى من قبل في تواريخ الأمم والشعوب، وهي غفلة محمودة ودليل على قوة الدول ووعي القيادات.

نماذج الحكم في التاريخ والواقع لا تحصى، ومن الأخطاء الكبرى في وقتنا المعاصر الترويج المكثف ثقافياً وإعلامياً وسوشلياً إلى أن النموذج الغربي هو النموذج الأوحد الصالح لكل زمانٍ ومكانٍ بعيداً عن استيعاب الاختلافات الكبرى بين السياقات التاريخية والحضارية للأمم والشعوب، وكل محاولات نقل ذلك النموذج باءت بالفشل الذريع وأصبح بعضها محل تندرٍ لدى العديد من المتابعين والمحللين عبر العالم، ولذلك فنماذج الحكم الأصلح هي التي تنبع من البيئة نفسها، والتي تعايش معها الناس قروناً من الزمن وحققت لهم العدالة والنجاح والتطور. أخيراً، فهنيئاً للقيادات الجديدة وهنيئاً لاستمرار مسيرة الاستقرار والبناء والتنمية.

*كاتب سعودي