نسبة مئوية وُصفت بأنها «سخيفة»، و«بلا مغزى»، ومن أكثر المعايير «عبثاً وغباءً حقاً» على الإطلاق. ففي عام 2014، بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم، اجتمع أعضاء حلف شمال الأطلسي في ويلز وتعهدوا برقم معين. فالدول الأعضاء «تستهدف التحرك نحو المبدأ التوجيهي البالغ 2% بالمئة في غضون عقد من الزمن». أي أنهم وعدوا بإنفاق هذه النسبة المئوية على الأقل من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع بحلول عام 2024. وكان يجب أن تمثل الصياغة المعقدة والملتبسة لعبارة «تستهدف التحرك نحو» بداية تحرك. ومع انقضاء معظم العقد، التزم سبعة حلفاء فقط بالتعهد العام الماضي. وهذا أكثر من البلدان الثلاثة التي تجاوزت المعيار القياسي في 2014، لكنها بالكاد مثيرة للإعجاب في تكتل مؤلف من 30 دولة. 

في عام 2022، تجدد التصعيد مرة أخرى من خلال الحرب الأوكرانية وتم نشر أسلحة نووية تكتيكية بيلاروسيا. ولذلك يعتزم ينس ستولتنبرج، الأمين العام للحلف، تعديل القاعدة العبثية والسخيفة في قمة الناتو في فيلنيوس في يوليو المقبل. ولن يكون هناك مزيد من «استهداف» و«التحرك نحو». بل يريد أن يجعل اثنين بالمئة «أساساً وليس سقفاً»، وهذا يثير سؤالاً. إذا كانت نسبة اثنين بالمئة «غبية» باعتبارها سقفاً، فلماذا يكون أقل «غباء» كأساس؟ ويقول منتقدو المعيار إنه ليس من المنطقي قياس المدخلات وليس المخرجات. ما يريده «الناتو» هو البراعة العسكرية. ما سيحصل عليه بعض أعضائه هو مزيد من البيروقراطية العسكرية، أو الأسلحة التي لا تعمل مع أجهزة الحلفاء الآخرين أو العتاد الذي يكون مفيداً في الواقع لخطط معركة «الناتو». 
وعلاوة على ذلك، لماذا اختيار نسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي؟ هل يجب على الدول تسريح جنودها في كل مرة تدخل فيها فترات ركود؟ فاليونان التي تحتفظ بجيش كبير نسبياً لأنها تخشى من تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، تجاوزت في بعض الأحيان نسبة اثنين بالمئة لأن اقتصادها انكمش بشكل أسرع من ميزانيتها العسكرية. لماذا لا نجعل المعيار، على سبيل المثال، هو عدد الأفراد المشاركين بالنسبة لعدد السكان؟ هذا من شأنه أن يدفع لوكسمبورج التي تضم نحو 900 جندي، من المركز 29 إلى المركز الثامن، لأنها مكان غني يقطنه نحو 640 ألف شخص فقط. وفي كلتا الحالتين، من غير المحتمل أن تنقذنا لكسمبورج التي تشتهر بالمصرفيين أكثر من اشتهارها بالمحاربين من بوتين. وبالمناسبة، هناك عضو واحد، وهو أيسلندا، ليس لديه جيش على الإطلاق. صحيح، إذن، أن خط الأساس اثنان بالمئة غبي. لكن التأكيد على ذلك هو تفويت الهدف. وميزة خط الأساس تتمثل في بساطته. وضرورتها مستمدة من المشكلة التي من المفترض معالجتها، وهو الانتفاع المجاني الهائل من قبل بعض الأعضاء على حساب الآخرين، وعلى واحد من هؤلاء الآخرين على وجه الخصوص. 

ولا يخفى على أحد أن التحالف عبر الأطلسي لا يستطيع ردع الأعداء إلا لأنه يضم القوة العظمى الوحيدة في الغرب. والعام الماضي، مثلت الولايات المتحدة 70 بالمئة من إجمالي الإنفاق العسكري لحلف الناتو. ولطالما استخدم الحلفاء مثل بلجيكا والبرتغال هذه الهيمنة الأميركية كذريعة مناسبة للاختباء وراء الأميركيين. لكن أسوأ مذنب هو بالتأكيد ألمانيا، لأنها باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد لحلف «الناتو»، ويمكنها الاضطلاع بأكثر من ذلك بكثير. وبدلاً من ذلك، قامت ألمانيا بشكل منهجي بتقليص تمويل جيشها منذ الحرب الباردة، حتى في الوقت الذي استمرت فيه في التقرب إلى روسيا. ونظرياً أخرجت الحرب الأوكرانية والتهديد بالهجوم النووي الألمان أخيراً من أوهامهم المخملية. وفي العام الماضي، أقر المستشار أولاف شولتس صندوقاً خاصاً للدفاع بقيمة 100 مليار يورو (107 مليارات دولار)، بهدف زيادة ميزانيات الدفاع المستقبلية لألمانيا. 
وعملياً، «لم يصل سنت واحد» من هذا الصندوق في عام 2022، وفقاً لإيفا هوجل، المفوض البرلماني للجيش الألماني. وهي تلقي باللوم على بيروقراطية المشتريات المعقدة والعبثية. وهي تعتقد، على أي حال، أن الصندوق بحاجة إلى مضاعفة ثلاث مرات لإحداث فرق. وتقول إنه بهذا المعدل، سيستغرق الأمر نصف قرن حتى يصبح الجيش الألماني قادراً على القتال. وفي هذا السياق، يصبح الاسترشاد العبثي والبسيط بمثل «هدف الاثنين بالمئة» أداة سياسية مفيدة. فهذا يواصل الضغط على المتقاعسين مثل ألمانيا، وفي الوقت نفسه تساعد وزراء الدفاع في نزاعهم المحلي مع وزراء المالية وأعضاء مجلس الوزراء الآخرين حين يتم تقسيم كعكة الميزانية. وفي الوقت نفسه، يساعد ذلك المشرعين الأميركيين على إقناع ناخبيهم بأن الدفاع عن أوروبا ما زال يستحق العناء وأن الناس في كل الحلف يدفعون نصيبهم. 

وبهذا المعنى، فإن المبدأ التوجيهي البالغ اثنين بالمئة يشبه الإجراءات الأخرى التي مازالت منطقية بمجرد أن يطالع المرء البديل، أي غياب هذا المبدأ. وهل من المنطقي أن ينص الاتحاد الأوروبي بشكل تعسفي على أن الدول الأعضاء لا ينبغي أن تعاني من عجز في الميزانية يزيد على ثلاثة بالمئة من الإنتاج المحلي الإجمالي أو زيادة الديون إلى أكثر من 60 بالمئة؟ لا يمكن تقريباً. ما لم يكن بالاتحاد الأوروبي دول، مثل إيطاليا، ذات ثقافة سياسية واقتصادية تتخلى بغير هذا عن التدبير تماماً. وتوجيهات الناتو سخيفة. وأنا سعيد لأنها لدى الحلف. وفي ظل التطورات الراهنة أدركنا أننا بحاجة إلى التسلح لإبقائه بعيداً عنا، وأننا لم نعد قادرين على الاحتماء بالحلف مجاناً بعد الآن. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»