بلغ عدد المفقودين والقتلى، الذي تتبعه «مشروع المهاجرين المفقودين» الذي أطلقته «المنظمة الدولية للهجرة»، منذ إنشائه في عام 2014 حتى مارس 2023، نحو 7697 بين قتيل ومفقود.

ومن المؤكد أنه سيكون هناك المزيد - ممن هم عالقون في وحل منطقة «دارين جاب» في بنما، أو متوفون في مكان ما بالمكسيك على طول مسارات ما يسمى «الوحش» أو «ذا بيست» تحت مياه البحر الكاريبي، أو معرضون لحرارة الشمس الحارقة في صحراء أريزونا، في نهاية رحلة بدأت على بعد آلاف الأميال جنوباً، في تيجوسيجالبا، عاصمة هندوراس، أو كاراكاس. في الشهر الماضي، كان حوالي 1200 شخص يعبرون منطقة «دارين» يومياً.

أحصى مشروع المهاجرين المفقودين 1434 قتيلاً أو مفقوداً في عام 2022، ارتفاعاً من 1249 في عام 2021 و798 في عام 2020. وقد أثار مقتل العشرات من المهاجرين في حريق بمركز احتجاز في سيوداد خواريز، المكسيك، الشهر الماضي غضباً مشروعاً بشأن المعاملة السيئة للسلطات المكسيكية لطالبي اللجوء الذين لا حول لهم ولا قوة.

لكن المأساة لم تولد فقط من كراهية الأجانب على الصعيد المحلي أو عدم الكفاءة البيروقراطية. إنها النتيجة الحتمية لاستراتيجية سياسية شمال الحدود التي تنطوي على العداء أو، في أفضل الأحوال، اللامبالاة تجاه المهاجرين الفارين عبر نصف الكرة الأرضية حفاظاً على حياتهم وكرامتهم. هناك الآلاف من الضحايا. على الرغم من قوة المتطلبات السياسية التي تدفع السياسات الحدودية للرئيس بايدن، إلا أنه لا يمكنه الاستمرار في قبول الموت على أنه نتيجة ربما تكون حزينة ولكن في نهاية المطاف يمكن تحملها. لكي نكون واضحين، فإن محاولات الإدارة للتعامل مع جموع الناس المحتشدين على الحدود ليست غير معقولة. يجب أن تكون الولايات المتحدة - مثل أي دولة - قادرة على التحكم في الوافدين إليها. ليس من السهل تحقيق ذلك عبر حدود تعاني من تأثير كل أزمة خارجية، والذي يتمثل في رغبة الأشخاص في الفرار إليها.

ونهج الثواب والعقاب لتخفيف الضغط عن الحدود ليس جنونياً. قد يكون تقديم مسارات قانونية موسعة لطالبي اللجوء الذين يتقدمون عبر الإنترنت من بعيد، مع زيادة صعوبة دخول الولايات المتحدة للأشخاص الذين يحضرون لتقديم قضيتهم على الحدود، رادعاً فعالاً. والإدارة ليست مخطئة في الخوف من التداعيات السياسية، لا سيما بالنظر إلى رد فعل المهاجرين المحتملين على نهاية حقبة إدارة ترامب، من خلال التدفق إلى حدود الولايات المتحدة بأعداد أكبر من أي وقت مضى، متوقعين ترحيباً أكثر تساهلاً.

يجب أن يفكر المدافعون عن المهاجرين، والذين نفد صبرهم مع القيود السياسية في الكونجرس، في الشكل الذي ستكون عليه السياسة في أيدي الجمهوريين المتشددين الذين يقومون بحملتهم الانتخابية على خلفية شعار حول الحدود التي «خارج نطاق السيطرة». في النهاية، لا تستطيع الولايات المتحدة منع المهاجرين من الفرار شمالاً من منازلهم في نيكاراجوا أو هايتي أو هندوراس. ومع ذلك، إذا تم نشر سياستها بشكل صحيح، فإنها ستقلل من الحافز للناس للانطلاق في مثل هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر.

لقد أدت بالفعل إلى انخفاض في المواجهات بين المهاجرين مع وكلاء الحدود الأميركيين. ومع ذلك، على الرغم من كل هذا، لا يمكن للبيت الأبيض ببساطة أن يترك الموتى يتراكمون، بينما تعمل الحوافز المعاد تنظيمها على ردع الوافدين الجدد، وربما في النهاية إصلاح الأمر.

يعتمد نهج إدارة بايدن على قبول المكسيك للقادمين من فنزويلا ونيكاراجوا وكوبا وهايتي، ممن تم طردهم من الولايات المتحدة بموجب البند 42 من أحكام الطوارئ الصحية العامة التي تم سنها خلال جائحة كوفيد. لكن لم يتم الإعلان عن أي اتفاق بين الولايات المتحدة والمكسيك بشأن ما إذا كانت عمليات الطرد ستستمر، وكيف ستستمر بعد انتهاء سريان هذا البند في مايو.

 إدارة بايدن على استعداد للسماح للمكسيك بلعب دور الجدار الحدودي مقابل الحصول على تصريح من واشنطن بشأن قضايا أخرى. لكن موقفها يعتمد، جزئياً، على فهم أن استراتيجية الهجرة الجديدة لواشنطن ستحد من تدفقات المهاجرين عبر المكسيك أيضاً. قد لا يصمد هذا لفترة طويلة.

فالولايات المتحدة تطرد حوالي 70 ألف مهاجر شهرياً. في حين أن الهجرة أقل وضوحاً في المكسيك مما هي عليه في الولايات المتحدة، فإن حسابات لوبيز أوبرادور السياسية ستتغير إذا استمر رأي الناخبين بشأن المهاجرين في التشدد. وقد ازدادت المواقف المناهضة للهجرة تشدداً في جميع أنحاء أميركا اللاتينية، حيث أدت موجات الهجرة من فنزويلا وهايتي وكوبا ونيكاراجوا إلى التركيز بشدة على موضوع كان بعيداً في السابق. وجد الباحثون في بنك التنمية للبلدان الأميركية تعليقات معادية للأجانب في ما يقرب من ربع منشورات تويتر حول القضايا المتعلقة بالهجرة في المنطقة في الربع الأخير من العام الماضي، مقارنة بـ 4% في الربع الأول من عام 2017.

في عمود نُشر مؤخراً، حذر أندرو سيلي من معهد سياسة الهجرة إدارة بايدن من أن نهجها الأكثر تقييداً لطالبي اللجوء سيتردد صداه في جميع أنحاء نصف الكرة الأرضية، مما يفتح المجال السياسي للحكومات في أميركا اللاتينية لزيادة تشديد نهجها لإعادة السيطرة على الهجرة المتنامية. ومن المرجح أن يؤدي هذا المسار إلى المزيد من الهجرة غير الشرعية. كما يؤدي إلى مقتل المزيد من المهاجرين. يتطلب الردع المناسب إقناع المهاجرين المحتملين بأنهم لن يبقوا في الولايات المتحدة ما لم يتم منحهم حق اللجوء. لكن إقناعهم لا يمكن أن يأتي على حساب حياتهم.

*كاتب متخصص في شؤون أميركا اللاتينية.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»