بناءً على دراسة أجراها «مركز بيو للأبحاث» الأميركي، المتخصص في الإحصائيات الديموغرافية، فإن الإسلام ينمو بشكل أسرع من باقي الأديان، ما سيمنحه الريادة عالمياً في أفق سنة 2060، إذ سيبلغ عدد أتباعه 3 مليارات شخص. ولكن هل يرجع ذلك لعدد المسلمين الجدد؟ أم نسبة المواليد الجدد بين المسلمين نسبةً لباقي الأديان؟  وخاصةً أن الذين لا يتبعون الأديان فهم في المرتبة الثالثة من حيث العدد بعد المسيحية والإسلام، ولذلك تجد الكثير من المنابر المسلمة تتحدث عن معجزة أن الإسلام ينمو بسرعة تفوق كل الديانات، ولكنهم لا يتحدثون عن عدد الممارسين الحقيقيين لتعاليم الدين الإسلامي ممن يصنّفون كمسلمين بالولادة، وهل من المهم أن يكون الدين الأكثر انتشاراً في العالم؟ أم أن يكون المسلمون الأكثر إنسانيةً ورقياً وتحضراً وتواضعاً وعدلاً وتسامحاً وأخلاقاً! ويملكون قيماً عليا يحسدهم عليها جميع البشر، ويرون فيهم المثال الجيد للإنسان الذي جعله الدين نزيهاً ومتواضعاً ومعطاءً وساعياً دون تردد لخير البشرية أجمع.
إذا استطعنا أن نجيب على السؤال كمسلمين بكل تجرّد وموضوعية سنرى أن سرعة الانتشار وعدد المسلمين ليس الهدف الأسمى للدين الإسلامي، حقيقة الدين تتجلى في إحياء الروح التي بها حياة كل مدارك الإنسان، وتزكية النفس حتى تتخلّق بمكارم الأخلاق.

فأن تتعثَّر فهذا يعني أنك تسير في الطريق فلم أسمع بأحد يتعثَّر وهو لا يتحرك، والإيمان وحده لايكفي بل يحتاج عملاً نافعاً للمجتمع، وعدم الانشغال بالحكم على غيرك ممن يختلف معك دون أن تتعامل معه كأخ لك في الإنسانية، دون تمييز ولا تقليل أو احتقار لما اختاره هو لنفسه كطريق،  فلا تعتقد أنك النسخة الأفضل من بني الإنسان فقط لأنك مسلم. واعلم أن الاختلاف سمة العلم وإن الذين لا يختلفون هم الأميون، وأعلم أنه من العيب أن يتحول المسلم إلى سمسار أيديولوجيات باسم الدين!
فغداً دون شك ولا ريبة ستذوب الوجوه الجميلة في تراب الدنيا، وستبقى الأفعال الجميلة ترسم وجهاً أجمل في عالم مثالي لا مكان فيه لصعود المادة فوق الروح. الإنسان مغرم بتجميل المظهر الخارجي ويصرف على عمليات التجميل المختلفة وكل ما يتعلق بتحسين المظهر المليارات، ولم نسمع عن شخص دفع دولاراً واحداً لتجميل داخله، مع أن تلك العملية مجانية ولا تحتاج إلّا أن يرى الإنسان الكون جميلاً، وبالمقابل سيراه الكون جميلاً. 

وعلى قدر العقول تكون الآراء، وربما لا تكون كل حياتك جيدة، ولكن لا بد وأن يكون هناك شيء جيد واحد على الأقل في كل يوم، فلماذا لا تتفاءل وتنظر إلى الحياة من عدسة خاصة تخرجك من دوائر الأطر المغلقة لتعطي لنفسك فرصة حق الاندهاش من حجم الإبداع الذي بداخلك، مع أن الخبرات والمعارف التي مرت بحياتك ستظل تعيش في وجدانك لا تنفصل عنه ولا ينفصل عنها، فلا تحاول أن تدفعها بعيداً دون جدوى، فقط خصص لها مكاناً خاصاً في عقلك وقلبك لا يطغى على المكان الأكبر المهم في وجودك، وهو الحب غير المشروط والتسامح والسلام الداخلي مع الذات والآخرين.
*كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات