كشفت منصة «سناب شات» مؤخراً عن الروبوت My AI المدعوم بأحدث إصدار من ChatGPT، وهو التقنية التي ظهرت بدءاً من العام 2021- 2022، وهذه الميزة الافتراضية الجديدة ستسمح لمستخدمي النظام الأساسي بإجراء محادثات كما يفعلون مع أصدقائهم في الوقت الذي لا يشعر المتلقي أنه يتجاذب أطراف الحديث مع روبوت أو عقل اصطناعي يعمل ضمن آليات وتقنيات دقيقة. وهذه التجربة في واقع الأمر هي أبسط ما قد يُساق كمثال على تطور الذكاء الاصطناعي في يومنا هذا. ولا يعد دخول منصة «سناب شات» في هذا المجال بالأمر الجديد على منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي، فهناك العديد من التطبيقات التي أُنشئت خصيصاً لدعم مثل هذه المحادثات ولاقت إقبالاً كبيراً بين فئات الشباب والمراهقين حول العالم بحسب الدراسات والاستطلاعات، حيث إن الفئات الأصغر سناً أكثر إلماماً بخدمات الذكاء الاصطناعي من كبار السن، ففي «جيل z»، أي الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و27 عاماً، نجد أن 76% منهم على دراية بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وفي «جيل y»، وهم الذين تتراوح أعمارهم بين 28 و42 عاماً، بلغت النسبة 74%، وفي «جيل x»، وهم الذين تتراوح أعمارهم بين 43 و60 عاما، كانت النسبة 63%.
وقد تحدث بيترو شيرانو، وهو رئيس التصميم في شركة Brex لتمويل الأعمال، عن أحدث إصدار لأداة الذكاء الاصطناعي تشات جي بي تي، وقال: «انتابني شعور وكأنه سحر، لقد أخافني قليلاً لأنه كان جيداً بحق». هكذا وصف بيترو شيرانو شعورَه أمام السحر الذي صنعه ثم أخافه، لأنه وبمجرد أن تطرح عليه سؤالاً ما، يشكل لك الجواب بما يتناسب مع سؤالك وبدقة متناهية ومعلومات وافية وكافية تبهرك للوهلة الأولى، ثم لا تلبث أن تتعود عليها وتأنس لها.
يعتمد الذكاء الاصطناعي بشكل عام على البيانات الضخمة المتاحة والمحفوظة على الشبكة العنكبوتية والتي تستخدم في تحديد الأنماط والصور وجمع المعلومات وربطها.. إلخ. وللذكاء الاصطناعي إيجابيات جمة سوف تخلق عالماً آخر من التطور التقني والرقمي وتسهيل الوصول إلى المعلومة وصناعتها.. لكن في المقابل هناك سلبيات لا يمكن تجاهلها. فقد ذكر تقريرٌ صادرٌ عن بنك الاستثمار غولدمان ساكس، إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محل ما يعادل 300 مليون وظيفة بفترات دوام كامل في غضون السنوات المقبلة. ويذكر التقرير أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستقوم بمهام ربع الوظائف في الولايات المتحدة وأوروبا، مما قد يؤدي إلى زيادة القيمة السنوية الإجمالية للسلع والخدمات المنتجة عالمياً بنسبة 7%. ويقول التقرير إن الذكاء الاصطناعي بإمكانه إنشاء محتوى مشابه بصورة كبيرة لما ينتجه البشر وربما أكثر دقةً وأعمق محتوى.
ويقول كارل بينيديكت فراي، مدير مستقبل العمل في بجامعة أكسفورد، إن عدد الوظائف التي سيتم استبدالها بالذكاء الاصطناعي ليس قليلاً، وإن ما يفعله تشات جي بي تي على سبيل المثال هو السماح لمزيد من الأشخاص ذوي المهارات الكتابية المتوسطة بإنتاج كتابات ومقالات. وهنا تكمن إحدى الكوارث التي تنتظر المجتمعات الأدبية والثقافية، وسوف تخلق فوضى إعلامية وتجاوزات على حقوق النشر والمطبوعات. هذا فقط في قطاع الثقافة والإعلام ناهيكم عن حقوق المستخدمين وبياناتهم على الشبكة العنكبوتية والمعلومات المحفوظة بأسماء بعينها ليتم تفكيكها وربطها بمعلومات أخرى واختراق الحقوق تحت مسمى «الذكاء الاصطناعي»!

*كاتبة سعودية