وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، فإن الإنفاق العسكري العالمي وصل إلى مستويات قياسية مقلقة وصادمة، إذ بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق وهو 2.24 تريليون دولار، أي بزيادة نسبتها 3.7 في المائة مقارنةً مع إنفاق العام السابق.. وذلك لأسباب متعددة أهمها لجوء عدة دول إلى زيادة إنفاقها العسكري بشكل مبالغ في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، بينما أعلنت دول أخرى في وقت لاحق عن خططها لزيادة مستويات الإنفاق على مدى السنوات العشر القادمة.

وتتصدر الولايات المتحدة الأميركية دول العالم في الإنفاق العسكري، إذ يقدر إنفاقها على التسلح بنحو 877 مليار دولار، تليها الصين بإنفاق عسكري يصل نحو 292 مليار دولار، ثم روسيا بحوالي 86.4 مليار دولار، فالهند بإنفاق يصل 81.4 مليار دولار.

ووفقاً لتصريح الدكتور نان تيان، الباحث في برنامج الإنفاق العسكري وإنتاج الأسلحة التابع لمعهد SIPRI، فإن «الارتفاع المستمر في الإنفاق العسكري العالمي في السنوات الأخيرة يُعدُّ علامةً على أننا نعيش في عالم يتزايد فيه انعدام الأمن، وتعمل دوله على تعزيز قوتها العسكرية رداً على البيئة الأمنية المتدهورة، والتي لا تتوقع تحسنها في المستقبل القريب».

ويؤكد هذا الرأي مستويات الإنفاق العسكري في روسيا وأوكرانيا في الآونة الأخيرة، حيث بلغ الإنفاق العسكري لأوكرانيا 44.0 مليار دولار في عام 2022 بزيادة نسبتها 640 في المائة مقارنة بعام 2021، وهي أعلى زيادة على مستوى دول العالم تتم في عام واحد، حسب ما سجلته بيانات SIPRI، وذلك تبعاً للتطورات المتلاحقة المرتبطة بالحرب التي شلت الاقتصاد الأوكراني، فيما ارتفع العبء العسكري (الإنفاق العسكري كحصة من الناتج المحلي الإجمالي) إلى 34 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، قياساً بـ3.2 في المائة خلال عام 2021.

أما في روسيا، فقد ارتفع الإنفاق العسكري بنحو 9.2% خلال عام 2022 مقارنةً بالعام الذي سبقه. وتُظهر الأرقام الصادرة عن روسيا في أواخر العام الماضي أن الإنفاق العسكري كان أعلى بنسبة 34 في المئة مقارنةً بعام 2021.

وإزاء هذا السباق المحموم نحو التسلح والإنفاق الضخم من أجل عسكرة كوكب الأرض، خاصة من جانب دول أوروبا وأميركا والهند وروسيا، والهدر الناتج عن النفقات التشغيلية لهذه المعدات، ومشتريات الأسلحة، والإنشاءات والقواعد العسكرية، علاوة على إنفاق البحث والتطوير في المجال العسكري.. هناك ثمانية مليارات من البشر يعيشون على كوكب الأرض وينشدون السلم والاستقرار، وأقل من نصف هذا العدد من البشر يكفيهم نصف ما ينفق على هذه الأرتال العسكرية لتحقيق الأمن الغذائي وتأمين الرعاية الصحية وتوفير مياه الشرب النقية وتحقيق نوع من الأمن البيئي والمناخي.

إن سكان الأرض بحاجة إلى الطعام والاستطباب، وإلى اللقاحات التي تقيهم بعض الأمراض المميتة.. وليس إلى الأسلحة التي تقتل وتدمر وتؤجج الحروب وبالتالي تجلب مآسي الفقر والتشرد والنزوح. وحين نثني على «الأمن» حولنا وفي محيطنا، فالمقصود بذلك أن الموارد والاحتياجات مؤمنة، أما «الأمان» فهو شعور لا يضاهيه شعور في منطقة الخليج العربي التي تنعم بالسلام والاستقرار.

*كاتبة سعودية