لم تكفِ سنة كاملة لتكف الحرب الروسية- الأوكرانية عن أهوالها، فقرر المتحكم الأميركي إعطاء الطرفين وقتاً إضافياً غير محدد لزمن الانتهاء، مفتوح على علاته. 
الرهان على نهاية حرب أوكرانيا في أقصر مدة كان خاسراً بامتياز، واستمرارها إلى نهاية العام 2023، صار أمراً محتملاً. 
هناك ملفات رئيسية معلقة في هذه الحرب الطاحنة، الإنسان على رأسها المتضرر الأكبر من هذه الأزمة المتواصلة. الإنسان أينما كان، من حقه أن يعيش في سرب آمن، متمثل في الوطن إذا تعرض لما يُفقده أمنه، كان اللجوء هو بداية الغرق.
بعد مرور الذكرى الأولى للحرب الروسية الأوكرانية، بات واضحاً أن موجة اللجوء من أوكرانيا فاقت نظيرتها بين عامي 2014 و2016 حين اشتكت وزيرة الداخلية الألمانية من التوزيع غير العادل للاجئين الأوكرانيين في الدول الأوروبية.
قال مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني في (16 فبراير 2023)، إن نحو 1.1 مليون شخص وصلوا إلى ألمانيا من أوكرانيا في عام 2022، وهو ما يتجاوز تدفق المهاجرين من الشرق الأوسط بين عامي 2014 و2016. 
ثمة 17 مليون أوكراني بحاجة إلى مساعدات إنسانية ضمن الحدود الأوكرانية، كما أن حوالي ستة ملايين نازح في أوكرانيا أجبروا على ترك منازلهم والبحث عن الأمان والمأوى. 
أما في ميدان المعركة هناك زخم غير طبيعي بإرسال كميات ضخمة من الأسلحة الغربية إلى ساحة القتال. والأغرب من ذلك هو سرعة نفاد الذخائر المرسلة في المعارك الدائرة، بحيث ترتفع أصوات الدول في استنفاد مخزونها الاستراتيجي وبصورة متسارعة جداً قياساً بميزان المعارك في التاريخ المعاصر، بحيث تنتهي ذخائر السنة الواحدة في غضون أسابيع.
والأكثر غرابة، هو عملية البحث الدؤوب عن الأسلحة الروسية أو السوفييتية المتوفرة في بعض الدول التي تعتمد على هذا السلاح، وذلك مقابل تعويضها بالأسلحة الأميركية المتطورة. 
لقد أصبح ميدان المعركة ساحة مناسبة وفرصة سانحة لاختبار كل جديد من كل الأطراف المستفيدة لاستمرار هذه الحرب أطول فترة ممكنة.
والأمن الغذائي مهدد في قلب الأزمة، الحبوب هي بيت القصيد، يخشى أن تذهب جهود العام الماضي في مهب الريح، وكانت تركيا هي الوسيط المحايد في تأمين إيصال هذا الغذاء الحيوي والاستراتيجي إلى كافة الدول التي تستورد من أوكرانيا هذا المصدر الذي يتعلق بحياة الإنسان في مختلف الأمكنة. 
رئيس جمعية الحبوب الأوكرانية صرح بأن حصاد البلاد من الحبوب انخفض بنحو 40% على أساس سنوي بسبب هذه الحرب، حيث قال: «نتوقع محصول حبوب يتراوح بين 65 و66 مليون طن»، بحلول نهاية العام، بعد محصول قياسي بلغ 106 ملايين طن العام الماضي. 
فإن كانت الحرب عند بعض الساسة بمثابة الكي كآخر دواء، فعند الآخرين من محبي السلام، هي أدواء قد لا نجد لها الدواء الشافي من آثاره المدمرة.
* كاتب إماراتي