تميزت الأشهر الأخيرة بشيء من الانفراج في العلاقات العربية العربية، ما يولّد آمالاً عراضاً في مجال العمل العربي المشترك، في ظل تطورات لا تخلو من الإثارة في الشرق الأوسط، ربما كان أهمها مسار الانفتاح الإيراني السعودي برعاية صينية، وقبله كان مسار انفتاح تركي سوري بتشجيع وإلحاح روسيين، بعد ما جاء في إطار مسار انفتاح في العلاقات السعودية التركية، ومثله في ملف العلاقات التركية المصرية، وملف علاقات تركيا مع إسرائيل.. مع الإشارة إلى انفتاحات أخرى حصلت في علاقات العراق بمحيطه العربي.
ومع اقتراب موعد انعقاد القمة العربية في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية يوم التاسع عشر من مايو الجاري، تتزعم المملكة ومصر والأردن منذ فترة حراكاً رسمياً عربياً لإنهاء أزمة تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية. وفي هذه الظروف تتبدى في التقاطعات العربية روحٌ متفائلةٌ تستشرف مؤتمرَ القمة العربي القادم في جدة، والذي ستكون له آثار إيجابية على العمل العربي المشترك.
وفي هذا الشأن كان لدبلوماسية دولة الإمارات دور مبكر ومتقدم في عودة سوريا إلى البيت العربي، وتأكيداً لذلك جاءت زيارة الرئيس بشار الأسد إلى الدولة تمهيداً لهذه العودة.
وفي إطار الصراع الأميركي الروسي على سوريا، تُركت الأخيرة لحرب داخلية أشعلتها التدخلات الخارجية، واليوم تتوقع روسيا تفاهماتٍ سوريةً تركيةً تسمح بإعادة تطبيع العلاقات الثنائية بين البلدين وبعودة اللاجئين السوريين.
وعلى مسار آخر، من مصلحة أميركا حدوث تقارب بين الدول العربية، وبين هذه الأخيرة وإسرائيل، حتى تتعاون معاً لحفظ السلام في المنطقة، وسيكون التدخل الأميركي عند الضرورة فقط؛ أي عند حدوث مخاطر قصوى. 

ويبقى نجاح عودة سوريا مشروطاً باستحقاقات محددة، مثل عودة اللاجئين السوريين بأمان، وإجراء انتخابات نزيهة، ووقف تهريب المخدرات، وإعطاء مساحة للمعارضة السورية.
لكن هل نجحت الحكومة السورية؟ هناك مجموعة من الأسباب تفسر نجاحَها، أولها أن سوريا هي الجمهورية العربية الوحيدة التي نجح فيها التوريث، والثاني أن تأثير المعارضة فيها أصبح ضعيفاً.
 
وضمن سياق الاستدارة الجيوسياسية الحالية المعقدّة في الشرق الأوسط، أصبح الأردن في حالة انتباه كامل للتحدي الذي تمثله تجارة تهريب المخدرات انطلاقاً من بعض المناطق السورية، وقد قام مؤخراً بضرب مراكز هناك لإنتاج المخدرات التي يتضرر منها المجتمع الأردني نفسه. كما شنت إسرائيل هجوماً في الذكرى الـ75 لقيامها (يوم 15 مايو الجاري) بهدف ألّا تتحول سوريا إلى لبنان آخر! بينما هي تنتظر «الرد العظيم» الذي هددت به «حركة الجهاد» الفلسطينية!
هناك مؤشرات توحي بأن الأردن وإسرائيل معنيان بالتنسيق من أجل تخليص سوريا من «حزب الله» والفصائل المتحالفة معه، وربما في المرحلة المقبلة سيتم إخراج فصائل إيرانية، وبعدها ستتحرر دمشق من الضغوط التي تمنعها من إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، وبرعاية أميركية هذه المرة.

*سفير سابق