أكثر من عِقد، وعربة الأحداث على الساحة السورية تجرها للخلف، مع إصرار النظام على الصمود حتى دارت عقارب ساعة العرب للأمام والتفتت نحوها للعودة إلى الاتجاه الصحيح للبوصلة. لو لم يكن في جدول أعمال قمة جدة 32، إلا بند واحد للم الشمل السوري بعد فراق دام أكثر من اثني عشر عاماً، لكان كافياً للقمة. ماذا تعني سوريا للعرب؟

فهي ليست نظاماً فحسب، بل هي حضارة، قال عنها الرئيس الفرنسى الأسبق نيكولا ساركوزي، بأنها أثمن ما فيها، فلا يجوز السماح بتدميرها مهما كانت الأوضاع والظروف، فالعالم أجمع عليه بذل كافة الجهود للحفاظ عليها وليس العرب وحدهم. هذه سوريا في نظر الغرب، فعند العرب يجب أن تكون أعز وأثمن. ماذا في جعبة هذه القمة في للتعامل مع سوريا العائدة إلى بيتها، وهي لم تكن يوماً غريبة عنه؟ نعود في ذلك إلى حديث الأمين العام لجامعة الدول العربية قوله: للدول العربية حرية اتخاذ القرار باستئناف العلاقات مع سوريا، وكان للأحداث العالمية دور في تسريع قرار عودة سوريا للجامعة. هذا وقد عرضت دول عربية مساعدة الحكومة السورية من أجل التوصل لحل للأزمة السورية. وسوريا قبلت أن تكون عودتها للجامعة العربية جزءاً من سياق الحل، وهذا لا يعني أنه تم التوصل لحل للإشكالية السورية.

هذا على مستوى الاقليم، أما على المستوى العالمي، والمعني هنا أميركا على وجه التحديد، لأنها هي العصا التي وضعت في العربة السورية وهي العقبة التي جعلت أمام النظام السوري فرصة للقبول به في المعادلة السياسية الدولية. فهناك لقاءات سرية تجري لحلحلة ذلك، وهو ما صرح به مصدر دبلوماسي بجامعة الدول العربية، لمجلة «ذا كاردل» بأن مفاوضات «سرية» ومباشرة تجري حاليًا بين أميركا والنظام السوري في عُمان، وأن هذه اللقاءات ضمت شخصيات أمنية من البلدين وممثلين عن وزارات الخارجية، حتى الآن المناقشة لم تتطرق إلى أي قضايا سياسية أو عسكرية، باستثناء مطالبة دمشق بانسحاب القوات الأميركية من سوريا. وأكدت الجامعة العربية أن سوريا هي أبرز ملف في هذه القمة، وأن التعاطف مع سوريا وفتح قنوات ثنائية ومعاناة دول الجوار أسهم بعودتها. أما التسوية السياسية فهي تخضع لتفاهم السوريين ودورنا هو المساعدة فقط، ونريد أن نطوي صفحة كان دور العرب فيها ضعيفًا.

وهذا يعني بالطبع، بأنه حان الوقت المناسب لتقوية الصف العربي والتمكن من مواجهة سرعة التغيرات على الساحة الإقليمية والدولية. وهو ما نستشفه من تصريح وزير الخارجية السوري أثناء لقائه بنظيره السعودي قال: «لدينا القرار من أعلى القيادتين في سوريا والسعودية بأن نسير نحو التقدم، ولا عودة إلى الوراء». و«نحن هنا لنعمل مع أشقائنا العرب على تحديد المعطيات لمواجهة التحديات». هذه فرصة جديدة لنا لنقول لأشقائنا العرب إننا لا ننظر إلى الماضي وإنما إلى المستقبل، وهناك الكثير من التحديات التي يجب أن نناقشها ومنها قضية الصراع العربي الإسرائيلي ومسألة المناخ».

*كاتب إماراتي