الحوار هو سبيل الحل الوحيد في السودان، وعلى كل الأطراف العمل على التهدئة لحماية المدنيين وحقن دمائهم، ووصول المساعدات العاجلة لهم، فهذا الشعب الطيب الذي نعرفه جيداً، يجب أن يحظى بحياة تليق به، وأن يكون محمياً في كل الظروف، كما ينبغي أن يعود السودان لسابق عهده مزدهراً بشعبه وثرواته.

فالسودان هو سلة الغذاء لجزء مهم من العالم، لما يملكه من ثروات حيوانية وبحرية وزراعية. فلدى السودان حوالي 90 مليون هكتار من الأراضي الزراعية، وكميات ضخمة من المياه، بالإضافة إلى اليد العاملة.. وكل ذلك يؤهله لأن يكون إحدى أهم الدول على صعيد الغذاء في العالم، لذا ينبغي الركون دائماً للتهدئة وتغليب صوت العقل على صوت البنادق.

كانت دولة الإمارات ولا تزال داعمةً لجهود التهدئة في السودان، وقد دعت من منابر عدة، ليس آخرها أمام مجلس الأمن الدولي، لدعم الجهود والمحادثات التي تقود للدفع وتحسين الأوضاع الأمنية، بهدف دعم الجهود الإنسانية وحماية المدنيين في مناطق الصراع.

وقد أكدت الإمارات أن الحل السياسي هو السبيل للخروج من هذه الأزمة التي يجب ألا تطول، كما استمرت الجهود الحثيثة لدولتنا في تسيير قوافل الإمداد الإغاثي للشعب السوداني، حيث أرسلت ثلاث طائرات تحمل 52 طناً من المواد الغذائية، وسلمت سفينةَ إمداد محملةً بألف طن من المواد الغذائية، كما خصصت 50 مليون دولار لدعم النازحين واللاجئين، بالإضافة إلى آلاف الإمدادات الغذائية والطبية الطارئة، وتسيير عشرات الرحلات الجوية.. بهدف تضميد جراح السودانيين، ودعمهم ومحاولة حمايتهم من آثار الصراع القائم.

ويعيش على أرض الإمارات آلاف السودانيين الذين يعملون منذ سنوات طويلة، وبعضهم استقدموا أُسَرَهم في ظل الصراع الحالي.. لذا قامت الإمارات عن طريق الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك بإعفاء الرعايا السودانيين من الغرامات المترتبة على الإقامات المخالفة، ومراعاة أوضاعهم وتسهيل إقامتهم.. وهذا جزء يسير مما تقدمه الدولة بهدف دعم الأوضاع الإنسانية للسودانيين.

وهذا ليس بجديد، ففي العام الماضي كانت هناك رحلات جوية إنسانية بهدف تقديم يد العون للسودانيين بعد السيول التي شهدتها البلاد، حيث قدمت الدولةُ العونَ لأكثر من 140 ألف سوداني خلال فترة الفيضانات، وهذا النهج الإنساني مع السودان مستمر خلال كافة الأزمات التي نرجو ألا تطول حتى يعيش الشعب بما يليق به من استقرار وأمان.

صورُ آلاف السودانيين وهم يغادرون مدنَهم مؤلمة للغاية، فطريق المسير صعب وبعضهم لجأ للحدود المصرية أو الأثيوبية أو التشادية، وسط استغلال من جانب تجار الأزمات الذين يطلبون مبالغ طائلة لنقل هؤلاء، فيما مصيرهم يظل مجهولاً، فدول الجوار نفسها تعاني هي أيضاً.

لذا وجب أن يحشد العالَمُ لتقديم يد العون بشكل منظم عبر المؤسسات الدولية المعنية، فحسب الأمم المتحدة قد يصل عدد النازحين السودانيين إلى مليون شخص حتى نهاية العام الحالي، وهؤلاء هربوا لحماية أنفسهم بعد تضرر المنازل والبنية التحتية، وحتى المستشفيات التي خرج بعضها عن الخدمة، فيما امتلأ بعضها الآخر وسط عجز الأطباء عن تلبية احتياجات المرضى. كل ذلك يدق ناقوسَ الخطر بشدة ويدفعنا مرةً أخرى إلى دعم الجهود الهادفة لإيجاد حل سياسي بين أطراف الصراع، والجلوس على طاولة واحدة، لحقن دماء الشعب السوداني وانتشال السودان ومنحه الاستقرار الذي يحتاجه الآن.

*كاتب إماراتي