أصبحت جائحة فيروس كورونا (كوفيد– 19) التي عصفت بالعالم أواخر عام 2019 علامةً فارقةً في نظرة ومنهجية الحكومات حول التخطيط المستقبلي لمواجهة وإدارة الأزمات. والأمر لم يقتصر فقط على الجوانب الاقتصادية للجائحة، بل قام في المقام الأول على فاعلية ونجاح القطاع الصحي على مستوى العالَم في مواجهة ما يقارب 767 مليون حالة إصابة بالفيروس أدت إلى وفاة ما يزيد على 6 ملايين شخص حتى الآن، حسب تقارير منظمة الصحة العالمية. وبالتالي فقد أصبح القطاع الصحي يحظى برعاية واهتمام غير مسبوقين على مستوى العالم. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة ضرب العاملون في هذا القطاع أروعَ الأمثلة في التضحية والتفاني أثناء إدارة الدولة لأزمة الجائحة.

وكان لرؤية القيادة الحكيمة وحرصها على تأهيل وإعداد العنصر المواطن في المجال الطبي الأثر البالغ في نجاح مواجهة الجائحة، وتأتي كلية فاطمة للعلوم الصحية في مقدمة مؤسسات التعليم التي نجحت منذ العام 2006 في تأهيل كوادر وطنية ساهمت بقوة في مختلف مؤسسات تقديم خدمات الرعاية الصحية. ولم تكن لإنجازات الكلية أن تتحقق لولا توفيق الله عز وجل، ثم الدعم غير المحدود من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك للعنصر النسائي ولجهودها من أجل تمكين المرأة المواطنة في جميع المجالات وخاصة المجال الطبي.

وقد شهدتُ شخصياً قبل أيام على نجاح الكلية في سياستها الخاصة بتأهيل وإعداد العنصر المواطن في المجال الطبي أثناء معرض التوظيف وملتقى الشركاء الاستراتيجيين الذي عُقد في حرم الكلية. وما شَهدتُه يومها لهو بحق أبلغ دليل على تميز مخرجات الكلية، إذ كانت أبرز مؤسسات خدمات الرعاية الصحية تتهافت على استقطاب خريجي الكلية، وذلك باستعراض لافت للمزايا الوظيفية وبيئة العمل والمستقبل المهني للخريجة المواطنة في حال وافقت على توقيع «عقد العمل» مع إحدى تلك الجهات.

والأمر الآخر اللافت للنظر أيضاً كان قوة وخصوصية العلاقة التي ربطت هؤلاء الخريجات بالطاقمين التعليمي والإداري في الكلية، وما طبع تلك العلاقة من تقارب يجعلها أقرب ما تكون إلى العلاقة الأسرية العميقة التي ترسّخت خلال سنوات الدراسة. وشخصياً، فوجئتُ بقوة المنافسة بين مؤسسات الرعاية الصحية في الدولة على عرض ما ينتظر هؤلاء الخريجات من رعاية واهتمام ومزايا مهنية حصرية لهن في حال وافقن على العمل في إحدى تلك الجهات.

وتفسير ذلك لا يختلف عليه اثنان، وهو قناعة تلك المؤسسات بنجاح كلية فاطمة للعلوم الصحية في تصميم وطرح التخصصات الطبية الحيوية التي يحتاجها القطاع الصحي في الدولة، وتطبيق معايير وشروط القبول والتسجيل في تلك البرامج بحزم، وتوفير الكوادر التعليمية المتميزة ذات الخبرة العالمية، بجانب تقديم بيئة تعليم وتدريب مثالية. وجدير بالذكر أن كليةَ فاطمة للعلوم الصحية تطرح أفضل التخصصات الطبية التي قامت بتصميمها واعتمادها محلياً وعالمياً، بعد إجراء دراسات دورية شاملة لاحتياجات سوق العمل الصحي في الدولة.

وأبرز تلك التخصصات درجة البكالوريوس في أقسام التمريض، والصيدلة، والعلاج الطبيعي، والإسعاف الطبي والطوارئ، والأشعة والتصوير الطبي، وعلم النفس، بجانب الدبلوم في مساعد الرعاية الصحية. وتتوزع مقار الكلية على مستوى الدولة في أبوظبي وعجمان والعين والظفرة. فهنيئاً للخريجات ولكلية فاطمة للعلوم الصحية على هذه المكانة وعلى هذا التفوق.

*باحث إماراتي