لا تتوقف مسيرة التسامح في دولة الإمارات عن التقدم بثبات في مسارات عدة، في ظل متابعة حثيثة من القيادة الرشيدة التي أطلقت هذه المسيرة قبل سنوات طويلة، لا لتقف عند حدود دولة الإمارات، بل لتمتد من خلال أشكال من التعاون والتضافر والمؤسسات المشتركة إلى كل أنحاء المنطقة وإلى العالم أيضاً، إسهاماً من القيادة في تهيئة البيئة الملائمة للاستقرار، ونزع أحد الأسباب الأساسية للاحتقان والمواجهات في العالم.
وفي هذا الإطار، تأتي مناقشة مشروع قانون «تنظيم دور العبادة لغير المسلمين» في المجلس الوطني الاتحادي اليوم، الثلاثاء 30 مايو 2023، بعد أن نوقشت باستفاضة خلال أربعة اجتماعات لـ «لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل والسكان والموارد البشرية» بالمجلس خلال هذا الشهر، شهدت مداولات مستمرة بغرض دراسة مشروع القانون من كل جوانبه، إلى أن اعتمدته في 18 مايو الحالي، تمهيداً لمناقشته في المجلس اليوم.
وتظهر ثمار المناقشات الموسعة والدقيقة لمشروع القانون في المجلس الوطني الاتحادي في توسيع إطاره الذي يظهر في زيادة عدد مواده من 18 مادة خلال مناقشة المجلس له في يونيو 2022، إلى 32 مادة في مايو 2023، الأمر الذي يؤكد الجهد التشريعي والقانوني والمراجعات الدقيقة للقانون عبر مراحل متعددة، ليصل إلى مرحلة اعتماده من المجلس على النحو الذي يراعي كل الاعتبارات، ويُقدِّم تنظيماً محكَماً وشاملاً لكل الجوانب المتعلقة بتنظيم دور العبادة لغير المسلمين في الدولة.
ويؤكد مشروعُ القانون الذي ينظم شؤون «دور العبادة لغير المسلمين» مبدأ مهمّاً، وهو المساواة القانونية التامة بينها، ما يعني من الناحية المعنوية مساواة تامة بينها في الاحترام والتقدير، وضرورة أن يمارس أتباع كل الديانات والعقائد والمذاهب شعائرهم الدينية دون أي تفرقة بينهم. وعلى الرغم من أن هذا المبدأ ذاته ليس غريباً على كل مَن يقيمون في دولة الإمارات ويستشعرون وجوده منذ وقت طويل، فإن تأطيره القانوني ووضْع الضوابط الناظمة له سيمثّلان إضافةً مهمةً ذات آثار إيجابية في تعزيز مناخ التسامح القائم والمستقر في الدولة.
ويضاف مشروع القانون إلى قائمة طويلة من الخطوات والمبادرات والتشريعات والمؤسسات التي جعلت مبدأ التسامح يجِد طريقَه إلى الممارسة من خلال إجراءات وتطبيقات عملية ومعايير دقيقة وواضحة، لأن الفكرة ذاتها لا تكفي، بل يلزم وضع الآليات التي تضمن لها الاستقرار والديمومة في المجتمع. وقد نجحت الدولة في أن تجعل التسامحَ مُطبَّقاً في كل مجالات الحياة فيها، الأمر الذي استلزم جهوداً حثيثة بذلتها مؤسساتُ الدولة جميعُها، استجابةً لقيم الدين الإسلامي الحنيف الذي يحضّ على احترام حرية المعتقد، وللقيادة الرشيدة التي قدَّمت نموذجاً فريداً للتسامح ودعت إليه، وإيماناً بدَور التسامح في الارتقاء بالمجتمعات الإنسانية، وإتاحة الفرص لحياة كريمة تليق بها.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية