تُظهر الحقول الخصبة في ولاية إلينوي أنها نقطة مضيئة نادرة لمحصول القمح الأميركي بعد أن أجبر موسمُ جفافٍ شديد المزارعين في ولاية كانساس التي تُعد أكبر منتج للقمح في أميركا، على التخلي عن الحقول بوتيرة سريعة لم تشهد المنطقة نظيراً لها منذ أكثر من قرن. 
فوفقاً لجولة تفقدية للمحاصيل نظّمتها «جمعية القمح في إلينوي» الأسبوع الماضي، فإن الأمطار الغزيرة ساعدت على نمو محاصيل الولاية وارتفاعها إلى مستويات غير مسبوقة، وذلك في تباين قوي مع ولاية كانساس التي ذبلت فيها النباتات لدرجة أن بعض الحقول لن تستطيع إنتاج حتى التبن، ناهيك عن القمح الذي سيحوَّل إلى دقيق يُستخدم لصنع الخبز. 
وكان المزارعون في كلتا الولايتين عمدوا إلى زيادة المساحات المزروعة بعد أن تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في اضطرابات في صادرات الحبوب العالمية وارتفاع عقود القمح الآجلة إلى مستوى قياسي. وإذا كان صغر محصول كانساس من المتوقع أن يبقي على الأسعار مرتفعة هناك، فإن المحاصيل الأكبر في وادي نهر أوهايو يُتوقع أن توفّر الإمدادات اللازمة للمطاحن وحتى لمنتجي الماشية الذين لا يمتلكون الذرة كعلف. 
ويرى مارك كروز، رئيس «جمعية القمح في إلينوي»، الذي يزرع نحو 1800 فدان شرق مدينة سينت لويس: «لقد أظهرت الجولة أننا سنشهد واحداً من أفضل محاصيل القمح التي أنتجناها في الولاية على الإطلاق»، مضيفاً «ولدينا الكثير من الفدادين». 
وعادة ما يقوم المزارعون في ولايات الغرب الأوسط مثل إلينوي بزراعة الذرة أو فول الصويا، غير أنهم يسعون لزيادة إنتاج القمح إذ قاموا في موسم 2022-2023 بزراعة ما مجموعه 1 مليون فدان أكثر من العام السابق. وجاء ذلك بعد ارتفاع تكاليف الطعام في أعقاب الحرب في أوكرانيا، وهو ما دفع وزارةَ الزراعة الأميركية لتوسيع التغطية التأمينية للمزارعين الذين يزرعون محصولين على الأرض نفسها. 
ستانلي هيمان، مزارعٌ في الثانية والثمانين من عمره من مقاطعة كلينتون الواقعة جنوب ولاية إلينوي، قام بزراعة القمح لأول مرة منذ 10 سنوات بعد أن رأى ارتفاع الأسعار. ويقول هيمان: «إنني أزرع نفس إجمالي المساحة التي زرعتها العام الماضي، لكن بالقمح هذه المرة». 
ويفضِّل العديد من مزارعي إلينوي صنف القمح الشتوي الأحمر اللين الذي يستخدم في صنع الكعك والحلويات والبسكويت. وبسبب قلة المعروض من القمح الشتوي الأحمر الصلب، يُتوقع أن تقوم مطاحن الدقيق بمزج المزيد من الصنف اللين والبحث عن بدائل أخرى، بما في ذلك واردات نادرة إلى الولايات المتحدة من القمح البولندي. 
ويحتوي الصنف الشتوي الصلب على كميات أكبر من البروتين وهو المفضل لصنع الخبز والمعكرونة، غير أنه يمكن خلطه مع كميات صغيرة من الصنف اللين. ويكمن التحدي في تعديل الوصفات بالشكل الصحيح لتحقيق النتائج نفسها. 
وفي هذا الصدد، يقول براندون مورافسكي، مدير منتجات القمح في شركة «سكولار» للمنتجات الزراعية عبر الهاتف: «إن القمح الشتوي الأحمر اللين هو أرخص أنواع القمح اليوم، وبإمكانك توقع رؤية طلب إضافي خارج مسارات التصدير التقليدية». 
محاصيل القمح الكبيرة في ولايتي إلينوي وإنديانا وأوهايو تعني أيضاً أن الحبوب يمكن أن تكون بديلاً للذرة بالنسبة لمربي الماشية الذين يعانون جراء ارتفاع تكاليف الأعلاف التي جعلت بعض العمليات غير مربحة. 
وهذا يمثِّل فرصة واعدة لشركة تجارة المحاصيل «ذي أندرسنز» التي تتخذ من ولاية أوهايو مقراً لها، والتي تستطيع تصدير القمح من مناطق الوفرة إلى المناطق المحتاجة، وتخزين ما تبقى. وقال بات بوي، الرئيس التنفيذي للشركة في مكالمة مع المستثمرين: بالنسبة للقمح الشتوي الأحمر اللين، «يبدو أننا سنحصل على محصول كبير. وبالتالي فيمكن القول إننا نستفيد من كلا طرفي المعادلة». 
والطلب على حبوب ولاية إلينوي من المستبعد أن يتراجع، وفقاً لديف ديفور، وهو تاجر حبوب في شركة «سيمر ميلينج» وواحد من عشرات التجار والمزارعين الذين شاركوا في جولة المحاصيل التي قامت بتفقد أكثر من 50 حقلاً هذا الأسبوع في إلينوي. 
وقُدِّر متوسط المحاصيل عند مستوى قياسي هو 97 بوشل في الفدان، أي أكثر بقرابة 20 بوشل من الرقم القياسي السابق للولاية الذي سجل العام الماضي. 
ويقول ديفور: «إن الطلب على الدقيق سيظل ثابتاً لسنوات قادمة»، مضيفاً «في الواقع إنني لا أرى مؤشرات على انخفاض السوق في المستقبل القريب». 

تارسو فيلوسو ومايكل هرتزر
صحافيان متخصصان في الزراعة
بنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنسينج آند سيندكيشن»