في إطار جهودها لإعادة رواد الفضاء إلى القمر، منحت وكالة «ناسا» عقودا للحصول على مركبات هبوط جديدة على القمر وبزات فضائية جديدة وحتى محطة فضائية تدور حول القمر.
أطلقت وكالة «ناسا» مسابقة لبناء مركبة على سطح القمر لتكون مزيجاً بين مزايا «العربة القمرية»، التي تعود إلى حقبة «أبولو»، والتي قادها رواد الفضاء على سطح القمر، والمركبات الآلية التي تعمل عن بعد على سطح المريخ منذ سنوات.
ستلعب المركبة التي يطلق عليها اسم «مركبة التضاريس القمرية» دوراً رئيسياً في برنامج «أرتيميس»، التابع لوكالة «ناسا»، والذي يسعى إلى إنشاء البنية التحتية على سطح القمر وحوله مما يسمح بوجود بشري طويل الأمد ومستدام. لتحقيق ذلك، تعمل وكالة الفضاء على تطوير مصادر الطاقة على القمر، فضلاً عن تقنيات من شأنها أن تسمح لرواد الفضاء «بالعيش خارج كوكب الأرض» عن طريق استخراج الموارد القمرية وحتى استخدام الحطام الصخري القمري، أو الغبار القمري، من أجل إنشاء اللبنات الأساسية التي يمكن استخدامها لإنشاء الموائل.
ويعد التنقل أيضاً عنصراً أساسياً. في بيان الأسبوع الماضي، قالت «ناسا» إنها تريد مركبات يقودها رواد الفضاء «لاستكشاف وأخذ المزيد من العينات من سطح القمر باستخدام مركبة التضاريس القمرية أكثر مما يمكنهم سيرا على الأقدام».
وقال «ستيف مونداي»، مدير برنامج مركبة التضاريس القمرية (وهي المركبة القمرية الجديدة) التي تسعى لها ناسا، إن «المركبة الجديدة ستكون قادرة على التعامل مع التضاريس القمرية مع مراعاة إمكانية استخدامها لوقت طويل ومستدام والاعتماد على التزود من مصادر الطاقة على سطح القمر».
قال «ستيف مونداي»، مدير برنامج «مركبة التضاريس القمرية» في ناسا: «كما وجدنا في حقبة أبولو، فإنك لا تستطيع السير على سطح القمر مرتديا بدلة لمسافة أقصى من كيلومتر واحد إلى كيلومترين. إذن أنت بحاجة إلى شيء آخر. أنت بحاجة إلى توسيع هذا النطاق، من أجل التنقل والاستكشافات العلمية». 
ولكن نظراً لأن رواد الفضاء سيكونون على السطح لمدة تصل إلى 30 يوماً فقط في كل مرة، فستحتاج المركبة إلى أن تكون مفيدة من دون وجود رواد فضاء على متنها. وقالت الوكالة في بيان، إنه بين المهمات المأهولة، ستُستخدم مركبات التضاريس القمرية «لنقل البضائع والحمولات الخاصة بالبحث العلمي بين مواقع الهبوط المأهولة، مما يتيح عوائد علمية إضافية، والتنقيب عن الموارد واستكشاف القمر».
بالنسبة للبعثات المختلفة، ستدفع «ناسا» مقابل استخدام المركبة لأغراضها. وقال مونداي: «لكن بعد ذلك، في الأشهر العديدة الأخرى من العام، سيكون الأمر متروكاً لمزود الخدمة لتسويقها. لذا فنحن لا نستفيد من الابتكار التجاري فحسب، بل نساعد في دفع هذا الاقتصاد القمري الناشئ». يمكن أن يشمل من بين هؤلاء العملاء الشركات التي تجري تجارب علمية على القمر أو تنقب عن الموارد.
تعتزم وكالة «ناسا» استخدام المركبة القمرية مع رواد الفضاء بدءاً من مهمة رحلات الفضاء البشرية الثالثة لبرنامج أرتيميس - المعروف باسم مهمة «أرتيميس 5» - والتي من المقرر مبدئياً إجراؤها في عام 2029. ولكن سيتم استخدام العربة الجوالة في الأنشطة التجارية غير المأهولة والمحتملة قبل ذلك الحين.
وتخطط «ناساً» أيضاً لإرسال ما تسميه «روفر الاستكشاف القطبي للتحقيق في المواد المتطايرة» (فيبر) إلى القمر في أقرب وقت ممكن في أواخر العام المقبل. وأشارت «ناسا» إلى أن مهمة «فيبر» استكشاف القطب الجنوبي للقمر، في مهمة مدتها 100 يوم للبحث هناك عن الماء ومساعدة ناسا في تحديد أفضل السبل للوصول إليه.
إحدى الشركات التي تهدف إلى أن أول من يشارك في مسابقة «مركبة التضاريس القمرية» هي شركة ناشئة تسمى «فينتوري أسترولاب»، والتي أسسها «جاريت ماثيوز»، وهو مهندس سابق في شركة «سبيس إكس» ومختبر ناسا للدفع النفاث.
هذا العام، أعلنت الشركة أنها وقعت عقدا مع شركة «سبيس إكس» لتسليم مركبتها الأرضية، «مركبة اللوجيستيات المرنة والاستكشاف» (فليكس)، والتي من المقرر أن تقوم بمهمتها في منتصف عام 2026، وستكون المهمة أول محاولة تجارية لصاروخ «ستار شيب» التابع لشركة سبيس إكس، والذي تعتزم «ناسا» أيضاً استخدامه لنقل رواد فضائها من وإلى سطح القمر لأول عمليتي إنزال في إطار برنامج أرتيميس.
تم تصميم العربة الجوالة لتكون مرنة، كما يوحي الاسم. قال ماثيوز إن تصميمها سيسمح لها بتبادل الحمولات وخدمة مهام مختلفة بمرور الوقت. وقالت شركة «فنتوري أسترولاب» إنها وقعت اتفاقيات بشأن الحمولات التجارية لكنها لم تقدم تفاصيل عنها.
«ماثيوز» أشار في مقابلة: «يتعلق الأمر في النهاية بتمكين وجود بشري مستدام وكل ما يستلزمه ذلك». ومن بين الشركات الأخرى التي قدمت عطاءات بعض من أكبر الأسماء في مجال الطيران، بما في ذلك شركتا «لوكهيد مارتن» وجنرال موتورز، وهي شراكة تقول الشركات إنها ستوفر خبرة غير عادية، نظراً إلى البيئة القاسية للقمر. بالنسبة لبعثات أرتميس، تريد «ناسا» استكشاف القطب الجنوبي للقمر، حيث توجد مياه على شكل جليد. ولكنّ هناك أيضاً ليالي شديدة البرودة يمكن أن تستمر 14 يوما في كل مرة.
في غضون ذلك، تجري شركة «نورثروب جرومان» محادثات للتعاون مع شركة «انتيوتيف ماشينز» Intuitive Machines، وهي شركة مقرها هيوستن تقوم أيضا ببناء مركبة هبوط على سطح القمر.
وقال مونداي: «هذه الأنواع من الشراكات غير التقليدية مشجعة للغاية لنوع الابتكار ونطاق التصاميم التي قد نحصل عليها لهذا الاقتراح».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سنديكيشن»