هل تتذكرون «ويب 3.0»؟ وفقاً لتطبيق «جي.بي.تي 4»، أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي، هو «الحد التالي لتكنولوجيا الإنترنت، الذي يتميز باللامركزية وبالتطبيقات التي ترتكز على المستخدم». لم يكن مؤيدو الويب 3.0، مثلما هو الحال مع العملات المشفرة، قادرين قط على تقديم حالة واحدة لاستخدام تقنيتهم في العالم الحقيقي. ومع ذلك هناك سبب دفعني لأن أسأل «جي.بي.تي 4» عن تعريف. توقعت تماماً أن تعود الأفكار التي كانت تقف وراء الويب 3.0 بقوة – بوصفها الإطار القانوني والمؤسسي لروبوتات الذكاء الاصطناعي. من المجدي أن نفكر ملياً في كيفية حدوث ذلك. لنفترض مثلاً أن مدير مؤسسة خيرية يريد تطوير ونشر روبوت ذكاء اصطناعي لتدريس مادة الرياضيات لأطفال المدارس المحرومين. ذلك أمر عظيم لكن الروبوت سيواجه عدة عقبات. في بعض المناطق قد يكون مطلوباً دفع رسوم للترخيص والتسجيل. وقد تكون هناك حاجة لشراء وظائف إضافية للابتكارات الحديثة في التدريس. وإذا كان الروبوت يعمل في الخارج ستكون هناك حاجة لتطوير قدرته على الترجمة، وقد يحتاج إلى المال لأسباب مختلفة. 
كل هذه المعاملات ستكون سهلة إذا سمح لتطبيقات الذكاء الاصطناعي بأن يكون لديها حسابات مصرفية. لكن هذا أمر غير مرجح قريباً، الأمر الذي يدفعها لاستخدام العملات المشفرة كوسيلة رئيسية للمبادلات. كثيراً ما يشير المنتقدون إلى أن الدولارات أكثر كفاءة من العملات المشفرة كوسيلة للتداول. لكن روبوتات الذكاء الاصطناعي ستستخدم العملات المشفرة طالما أنها لا تستطيع استخدام الدولارات، وهذا يعيدنا إلى العملات المشفرة من جديد. هناك حجج معروفة جيدة تفسر لماذا الروبوتات «الوكيلة» أكثر كفاءة وأنها ستحتاج إلى نقود، الأمر الذي يتماشى مع درجة معقولة من استقلالية الروبوت. علاوة على ذلك، من الممكن لاعتبارات تتعلق بالمسؤولية ألا يكون كثيرٌ من هذه الروبوتات مملوكة لأحد، خشية أن يوجه اتهام لأحد في دولة أجنبية بسبب شيء قاله أو فعله الروبوت، تلك ستكون قوة أخرى دافعة للروبوت للعمل من خلال التشفير. 
في البداية ستكون الأصول المشفرة موجودة، مثل البيتكوين والإيثر، لكن الروبوتات قد تخترع عملاتها النقدية الخاصة بها في المستقبل، استناداً لمبادئ ملاءمة لها بالطبع. قد يتطور الاقتصاد المشفر المعتمد على الروبوتات ليصبح أكثر تعقيداً من الاقتصاد المشفر المعتمد على البشر، وستساعد في دعم أسعار الأصول المشفرة. كذلك، إذا تعامل البشر مع هذه الروبوتات فإنهم قد يحتاجون لبعض العملات المشفرة أيضاً. وهكذا سيضخ الاقتصاد المشفر المعتمد على الروبوتات دماءً في الاقتصاد العادي. العقدة تستحكم الآن. بمجرد أن يكون هناك اقتصاد للروبوتات معتمد على العملات المشفرة، سيحتاج ذلك الاقتصاد إلى حقوق ملكية ومؤسسات قانونية لذات الأسباب بالنسبة للاقتصادات البشرية. وسيتفق كثير من الروبوتات مسبقاً على خدمات التحكيم لتعزيز الثقة وتقليل تكاليف المبادلات. ولأن الروبوتات لا يمكن أن تمثل أمام المحاكم التماساً للعدالة، سيتم إصدار الحكم القضائي النهائي من خلال نص في نظم تسجيل التعاملات المشفرة (البلوكشين)، باستخدام العقود الذكية إذا لزم الأمر، وسيتم تحديد حقوق الملكية الجديدة. 
كل ما سبق هو ببساطة توضيح نموذجي للويب 3.0. بعض الروبوتات قد تحتاج للدعاية لنفسها وبعضها يحقق هذا بشراء سلع رمزية، ذلك، أيضاً، إحدى أفكار الويب 3.0، واعتبر كثير من المنتقدين في ذروة الحماسة للويب 3.0 أن من العبث أن يدفع البشر ملايين الدولارات لشيء لا يعدو أن يكون سوى إيصال معتمد على نظام تسجيل للتعاملات المشفرة يفيد بإنفاق النقود؟ فالمشترون لا يمتلكون بالضرورة أي حقوق إنترنت مصاحبة. اضحك كما شئت، لكن الروبوتات ستصنع شيئاً ما من هذا القبيل. كل هذه الخطوات ستنفذ من خلال أدوات الويب 3.0 أو من خلال منتجاتها المبتكرة بوساطة الروبوتات. وسيعتمد نمو الروبوت أو نجاحه على أسعار الكهرباء، ومن ثم فربما ستتبادل الروبوتات بنشاط في سوق الكهرباء المستقبلي لتأمين أوضاعها. وسيتعين عليها أن تتاجر مع روبوتات أخرى أو مع بشر. هل تتذكرون التنظيم اللامركزي المستقل؟ لقد قرأت الروبوتات بالفعل عن التنظيم اللامركزي المستقل وعن إخفاقاته، وربما أعطاها ذلك نقطة انطلاق أخرى. وستدرب الروبوتات نفسها لتتعلم كيف تقوم بنشاط التنظيم اللامركزي المستقل الخاص بها، وقد ينتهي الحال بأن تصبح «شركات» الروبوتات أكثر ديمقراطية من نظيراتها البشرية. 
قد تجد بعض الروبوتات أن التمتع بنسخة ذات مسؤولية محدودة أكثر كفاءة. عند التعامل مع روبوت من هذا القبيل، فإنك أو الروبوت الخاص بك ستقرر أنه لا يمكن مقاضاة الروبوت إلا في حدود مبلغ محدد. ولاستئجار روبوت للقيام ببعض المهام الخطرة، فإنك أو الروبوت قد تتفق على معيار للمسؤولية أكثر صرامة. وستكون «قوانين الشركات» هذه تجسيداً لقدر كبير من مفهوم الابتكار والتنوع. وبمرور الوقت، قد نتعلم من تجارب هذه الروبوتات. إنني واثق من أن الروبوتات تستطيع أن تفكر في كثير من التطبيقات الأخرى للويب 3.0 – خصوصاً إذا قمنا بتدريبها على ذلك. هناك مزيد من الدروس هنا: لا ترفض التقدم التكنولوجي أو المؤسسي لمجرد أن من الصعب رؤية ما قد يكون جيداً. فميكانيكا الكم ظلت موجودة لعقود، وكانت تبدو كما لو كانت فضولاً رائعاً قبل أن تصبح مبدأ رئيسياً يقوم عليه علم الحوسبة الحديث. وهاجم المنتقدون ألعاب الكمبيوتر لأنها تفسد الصغار، لكن تطبيقات «جي.بي.يو» المستخدمة في الألعاب المتقدمة ساعدت في تطوير برامج أفضل للذكاء الاصطناعي. وبالطبع، سينقضي هذا كله وقد نسمي ذلك ويب 4.0. لكن الويب 3.0 سيحصل في النهاية على ما يستحقه.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»