على مدار أيام، انغمست المنافذ الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي في الاهتمام بالبحث عن غواصة فُقدت أثناء الغوص لمشاهدة حطام السفينة تايتانيك. وكانت الغواصة التي تديرها شركة سياحية تدعى «أوشن جيت»، تحمل أفراداً أثرياء دفع كل واحد منهم 250 ألف دولار للغوص إلى المكان الذي استقرت فيه سفينة المحيط المنكوبة التي غرقت في عام 1912.

ويوم الخميس 22 يونيو الجاري، أعلن خفر السواحل الأميركي أن الباحثين عثروا على أنقاض «تتماشى مع الخسارة الكارثية لغرفة الضغط»، وأبلغت عائلات الركاب على متن الغواصة بمقتلهم جميعاً. وبالإضافة إلى خفر السواحل، انضم إلى البحث خبير من البحرية الملكية البريطانية ومتخصصون فرنسيون.

وقد أدى ذلك إلى انتقادات مفادها أن وسائل الإعلام في العالم وحكوماتها تهتم بالباحثين عن الخبرات الفريدة من الأثرياء أكثر من اهتمامها بالمهاجرين الذين لقوا حتفهم في البحر أثناء سعيهم لحياة أفضل. والانتقادات لم يجانبها الصواب.

لكن هناك شيء أكثر تعقيداً يجب فحصه هنا، حول القيمة الاجتماعية لبعض الرحلات المحفوفة بالمخاطر. كنت أفكر في مقال رأي بصحيفة «واشنطن بوست»، بقلم «براندون بريسر» يقول فيه: «الماء هو حقنا الطبيعي ولكنه أيضاً قوة دمار كبير. إن زيارة أعماق المحيط ليس فعلاً من أعمال الغطرسة، إذن لكنه شيء معاكس تماماً: إنه اعتراف بتخلفنا.

ومن المناسب أن الرغبة في الغوص بشكل أعمى نحو قاع المحيط تسير جنباً إلى جنب مع هوسنا الفضولي بالسفينة تايتانيك. وظلت السفينة التي غرقت، والتي وُصفت بأنها الأعظم في العالم، مثالاً على تفوق قوة الطبيعة على أعظم الجهود التي تبذلها البشرية لتأكيد الهيمنة على الكوكب». لكن «هوسنا الفضولي؟» لست متأكدة من أن هذا الهوس يتملك الجميع على مستوى العالم. سأعترف بأنني حين كان عمري 12 عاماً وظهر فيلم جيمس كاميرون «تايتانيك» عام 1997، اجتاحني هوس «تايتانيك».

لكن الهوس بـ«تايتانيك» يتتبع بشكل وثيق هوس العالم الغربي بالهيمنة التكنولوجية الذي سمح لأوروبا باستكشاف البلدان الأخرى ونهبها، والقضاء على شعوب بأكملها وإثراء نفسها من خلال استغلال موارد الأرض. وفي الواقع، قد تكون «تايتانيك»، والآن الغواصة، تذكيراً بأن المحيط العميق هو العالم الوحيد الغني بالموارد على الأرض الذي لديه القدرة على منع الرجال البيض من استغلاله. وبالنسبة للفقراء والمهمشين، فإن احتمال التخلف الاجتماعي والعجز هو حقيقة معيشية يومية.

ولا حاجة لدفع ثمن للتشويق. وبالطبع أنا أتعاطف مع عائلات الذين لقوا حتفهم في الغواصة. لكني أتساءل: ما القيمة الاجتماعية لكل ما كان يحاول مطاردو التجربة الأثرياء القيام به في غوصهم عند تايتانيك؟

وما الذي كان مهماً على الصعيد العالمي بشأن محنتهم لدرجة أنه تم إرسال فرق من دول متعددة لمحاولة إنقاذهم؟ وفي الوقت نفسه، هناك المهاجرون الذين يمكن القول إنهم أكثر شجاعة بموارد أقل بكثير لكنهم يتعرضون لنظرة دونية ويتركون ليموتوا، على الرغم من حقيقة أن كل ما يريدونه هو فرصة للعمل والمساهمة في القيمة والعيش. هناك بعض العوالم على الأرض من المفترض أن تكون ألغازاً، ويجب ألا نحلها.

كارين عطية*

* صحفية أميركية من أصول غانية

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»