ضجت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، بعد أن أعلن خفر السواحل الأميركي، الخميس الماضي، العثور على حطام الغواصة «تيتان» التي فقدت قبل أيام في قاع المحيط الأطلسي، ومصرع من كانوا على متنها.

عملية البحث عن الغواصة تمت بصعوبة شديدة، الخمسة لقوا حتفهم الذي جاء برغبة منهم أن يستكشفوا حطام السفينة «تايتانيك»، الخبر يستحق التسابق في نشر كل ما يتعلق بالغواصة المنكوبة، لكن الإعلام أحياناً يتخلى عن الحيادية، حيث تلجأ وسائل الإعلام إلى التعتيم على القضية على اعتبار أنه ليس هناك شيء يذكر. على سبيل المثال، ثمانية أشخاص لقوا حتفهم في ثالث موجة حارة تضرب المكسيك منذ منتصف أبريل، ولم يتداول هذا الخبر أو يأخذ حيزاً من الإعلام المرئي والمسموع.

تم التركيز على ضحايا الغواصة؛ كون الآلة الإعلامية الأميركية تمتلك القدرة على التحرك بخفة وسرعة شديدة في بث المعلومات والأخبار، عبر قنواتها وشبكاتها العديدة، ومن ثم ضمان ترويجها. وفي المقابل ليس لدى المكسيك إعلام يضاهي الوسائل الأميركية، لذلك لم يحظ أموات الحر الشديد في المكسيك بأي بتغطية إعلامية منصفة، وتلاشى خبر وفاة المكسيكيين بسرعة حتى ضاع في مهب الريح. في العموم، تعتبر مشكلة عدم حيادية وسائل الإعلام في مواجهة بعض القضايا مشكلة شائعة ومتعددة الأبعاد، ولها تأثير كبير على المجتمعات والثقافات والأنظمة السياسية.

ويمكن أن تنشأ مشكلة عدم الحيادية عندما تكون هناك تحيزات معينة لدى وسائل الإعلام، سواء كان ذلك بسبب الرأي السياسي أوالاعتبارات الدينية أو الاجتماعية أو الثقافية.

وقد تؤدي هذه التحيزات إلى تقديم معلومات غير دقيقة أو ناقصة تتعلق بقضايا معينة، وبالتالي يمكن أن تؤثر على قرارات المشاهدين والجمهور. علاوة على ذلك، قد يؤدي عدم الحيادية إلى تفاقم الانقسامات والصراعات في المجتمعات، وزيادة الاضطرابات السياسية والاجتماعية.

وقد يؤدي ذلك إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلدان المتأثرة. ومن وجهة نظري أنه ومن أجل تجنب هذه المشكلة، يجب على وسائل الإعلام السعي إلى توفير معلومات دقيقة وشاملة عن القضايا، والعمل على تجنب أي تحيزات قد تؤثر على جودة المعلومات التي تقدمها.

كما يتطلب الأمر أيضاً تدريب الصحفيين والمراسلين على تقديم الأخبار بأسلوب مهني وحيادي؛ فالإعلام وسيلة مهمة لنقل المعلومات والأفكار والآراء، ويعتمد الجمهور على الإعلام للحصول على معلومات دقيقة وشاملة حول الأحداث التي تحدث في المجتمع والعالم. وبالتالي، يجب أن يكون الإعلام مسؤولاً عن تقديم المعلومات بشكل حيادي ومنصف، دون أي تحيز لأي جهة أو فئة معينة. وأن يسعى دوماً إلى توفير معلومات دقيقة وشاملة حول الأحداث، وتقديم وجهات نظر مختلفة ومتنوعة للسماح للجمهور بتقييم الأمور بشكل مستقل.

وعلاوة على ذلك، يجب أن يحرص الإعلام على تفادي الترويج لرؤى مسبقة وتحليلات وتكهنات قبل الحصول على معلومات دقيقة ومؤكدة، وتجنب الإسفاف في التركيز على بعض الأحداث وتجاهل الأخرى. وفي نهاية المطاف، يجب على الإعلام أن يكون مسؤولاً تجاه الجمهور الذي يستقبل منتجاته. وأن يعمل على توفير معلومات دقيقة وموثوقة للسماح للجمهور باتخاذ القرارات السليمة وتبني الأفكار المناسبة.

*روائية وكاتبة سعودية