بينما يفكر العلماء في تأثير تغير المناخ في تأجيج حرائق الغابات في هاواي، لا يوجد عامل بارز واحد يشيرون إليه. ةمن المحتمل أن يكون ارتفاع درجات الحرارة قد ساهم في شدة الحريق بعدة طرق. لكن الاحتباس الحراري لا يمكن أن يكون السبب في اندلاع الحرائق من تلقاء نفسه.
وتواجه جزيرة ماوي كارثة مركبة، حيث اجتمعت عوامل عديدة ومختلفة لجعل الحرائق مروعة للغاية. ومع تزايد التأثيرات البشرية على المناخ والبيئة، يتزايد خطر هذه الكوارث.
والفيضانات الأخيرة في الصين، والحرائق في اليونان، والحرارة القاتلة في جنوب غرب الولايات المتحدة هي أمثلة أخرى حديثة على كيفية اجتماع عوامل الطقس المتطرف والتغير المناخي الذي يسببه الإنسان والتغيرات في البيئة المحلية بطريقة مدمرة.
وقال «جيف ماسترز»، عالم الأرصاد الجوية في برنامج جامعة «يل» المسمى بـYale Climate Connections: «إذا اجتمعت مجموعة كاملة من التأثيرات معاً، فهذه هي الطريقة التي تحدث بها كارثة. لكن عامل واحد فقط لا يجعل ذلك يحدث». وإن الروابط بين تغير المناخ الذي هو من صنع الإنسان والحرائق راسخة. فالاحترار العالمي يعني أن النباتات يمكن أن تجف بسهولة أكبر، لأن الهواء الأكثر دفئاً يسرع من تبخر الماء. نظراً لأن الهواء يمتص المزيد من الرطوبة من الأرض، وتتزايد مخاطر الحريق.
وتعد هاواي، في المتوسط، أكثر دفئاً بدرجتين مما كانت عليه في عام 1950، وفقاً لبيانات مناخ الولاية. ويقول العلماء إن هذا من المرجح أن يعد أقوى رابط بين استهلاك البشر للوقود الأحفوري، الذي تنبعث منه غازات الاحتباس الحراري التي تعمل على زيادة حرارة الكوكب، واحتمال اندلاع الحرائق في هاواي وأماكن أخرى.
كما أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى تكثيف الحرارة التي عصفت بالجنوب الغربي هذا الصيف - والتي أرسلت هواء حاراً وجافاً في اتجاه هاواي هذا الأسبوع. ويساعد تغير المناخ على تقوية الأعاصير مثل تلك التي شهدها جنوب الجزر هذا الأسبوع، وربما تزيد من قوة الرياح التي أشعلت ألسنة اللهب.
ولكن العلماء أشاروا أيضاً بشكل بارز إلى دور التأثيرات غير المناخية في شدة العاصفة النارية (الحريق الذي تؤججه الرياح)، مثل وجود نباتات غير محلية قابلة للاشتعال، فضلاً عن أنماط الطقس التي تحدث بشكل طبيعي. ومن بين العوامل التي جعلت الحريق مدمراً للغاية –وهي الرياح الشديدة والجفاف المستمر - يبدو تأثير تغير المناخ غير مباشر في أحسن الأحوال.
ومع انتشار الحرائق وخروجها عن نطاق السيطرة يوم الثلاثاء، أشار العديد من خبراء الأرصاد الجوية إلى أن هاواي وجدت نفسها بين منطقة قوية من الضغط المرتفع فوق شمال المحيط الهادئ وإعصار«دورا»، وهو إعصار اشتد بسرعة ليتحول إلى عاصفة كبرى من الفئة الرابعة. هذا الاختلاف في الضغط يعني أن هاواي كانت في منتصف رياح تتدفق بشكل مكثف من الضغط العالي إلى المنخفض، وتهب فوق الجزر مثل الهواء المنطلق من منطاد بسرعة تزيد عن 80 ميلاً في الساعة في بعض المناطق.
وأظهرت الأبحاث أن المزيد من الأعاصير المدارية قد تكثفت بسرعة في العقود الأخيرة، وأن معدلات التكثيف هذه قد تسارعت. وتمنح درجات الحرارة الأكثر سخونة المزيد من الطاقة للعواصف.
وقال ماسترز إن بعض التحليلات الفورية للرياح التي لوحظت في هاواي وجدت أن وجود إعصار دورا ربما أدى فقط إلى زيادة سرعة العواصف بنحو 5 أميال في الساعة. كان من الممكن أن يكون الضغط المرتفع - بمساعدة تدفق الهواء الساخن والجاف من جنوب غرب الولايات المتحدة إلى المحيط الهادئ - كافياً لإثارة رياح مدمرة من تلقاء نفسه.
وقال ماسترز إن الإعصار وشدته «لم يكن بالتأكيد التأثير الرئيسي» في إشعال الحرائق، على الرغم من أن وجوده كان من الممكن أن يكون قد ساهم في وقوع الكارثة.
وأما بالنسبة لظروف الجفاف التي غطت أكثر من ثلث مقاطعة ماوي، حيث اشتعلت الحرائق الأكثر تدميراً، فلا يوجد دليل مباشر على أنها نتاج تغير المناخ، كما قالت آبي فرايزر، عضو هيئة التدريس في جامعة هاواي، وهي الآن في جامعة كلارك في ماساتشوستس.
وقالت إنه على الرغم من وجود اتجاه طويل الأمد لانخفاض هطول الأمطار في هاواي، فلا توجد أدلة كافية تشير إلى أن هذا هو نتاج أي شيء بخلاف الأنماط والتقلبات المناخية العادية في المحيط الهادئ. تتأثر أنماط هطول الأمطار هناك بشدة بظاهرة النينيو، التي عادت في يونيو، وبنمط طويل المدى يُعرف باسم التذبذب العقدي للمحيط الهادئ.
وأوضحت فرايزر أن ظاهرة النينيو معروفة بجلب فصول الشتاء الأكثر جفافاً، لكن وصولها لا يفسر الظروف الحالية. وقالت إنه في الصيف يمكن أن تتسبب هذه الظاهرة في هطول أمطار أكثر من المعتاد بسبب زيادة نشاط الأعاصير المدارية.
وأضافت «فرايزر»:«لا يمكننا القول رسمياً إن التغير المناخي هو الذي يسبب كل هذا الجفاف. فالتباين الطبيعي قوي جداً في هاواي»، هذا لا يعني أن النشاط البشري لم يساهم بشكل مباشر في الحرائق بطرق لا تشمل المناخ. فهي تنتشر بشكل متزايد عن طريق حرق الأعشاب الغازية والمعرضة للحرائق التي يتم جلبها إلى الجزر لاستخدامها في الزينة أو لرعي الماشية. قالت أليسون نوجنت، عالمة علوم الغلاف الجوي المشاركة، إنه مع انخفاض النشاط الزراعي في الجزر، انتشرت الأعشاب في الحقول التي كانت ذات يوم تُروى بانتظام.

سكوت دانس
صحفي متخصص في قضايا المناخ والمجتمع والبيئة
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»