عندما قرأت لأول مرة عن اكتشاف مخزون جديد ضخم من عنصر الليثيوم في حفرة بركانية على طول الحدود بين ولاية نيفادا وأوريجون، لا أستطيع أن أقول إنني فوجئت. ليس لأنني أعرف أي شيء عن الجيولوجيا، بل لأنني، باعتباري خبيراً اقتصادياً، مؤمن بشدة بمفهوم مرونة العرض. وقبل أن أتطرق إلى ذلك، يجدر بنا أن نتحدث عن أهمية هذا الاكتشاف، والذي يمكن أن يساعد في الحد من تغير المناخ وتخفيف التوترات الجيوسياسية.

وسيكون الاكتشاف، الذي يقدر حجمه بما يتراوح بين 20 و40 مليون طن، أكبر من أكبر اكتشاف في الوقت الحالي، حيث يوجد حوالي 21 مليون طن تحت المسطحات الملحية في بوليفيا. (ينتظر هذا الاكتشاف التأكيد النهائي، لكن شركة واحدة على الأقل تقول إنها تتوقع البدء في استخراج هذا المخزون في عام 2026). والليثيوم بالطبع هو عنصر مهم للغاية في بطاريات السيارات الكهربائية، التي يتزايد الطلب عليها والتي تشكل جزءاً مهماً من أي خطة لمكافحة تغير المناخ.

ومع ذلك، كان صناع السياسات في الولايات المتحدة يشعرون بالتوتر، وذلك بسبب ندرة الليثيوم ولأن الولايات المتحدة لا يبدو أنها تمتلك احتياطيات كبيرة خاصة بها.

فإمدادات الليثيوم الرئيسية ليست شائعة، والعديد من الاحتياطيات المعروفة ليست في أميركا الشمالية ولكن في تشيلي وبوليفيا والأرجنتين والصين وأستراليا. إذا تم التحقق من صحة هذا الاكتشاف، فإن الاستثمار الأميركي في السيارات الكهربائية لن يعدّ محفوفاً بمخاوف الأمن القومي. الآن يتعلق الأمر بمرونة العرض، والتي نميل نحن الاقتصاديين إلى الإيمان بها أكثر من معظم الناس.

مراراً وتكراراً على مر القرون، لاحظ خبراء الاقتصاد أن نقص الموارد يتم علاجه غالباً عن طريق الاكتشاف والإبداع والحفاظ على الموارد وكل هذا تحركه أسعار السوق. وبعبارة بسيطة: إذا كان المورد نادراً، وكان هناك ضغط تصاعدي على سعره، فعادة ما يتم العثور على إمدادات جديدة. وليس من المستغرب أن تقوم شركة «ليثيوم أميركا» Lithium Americas Corporation بعمل كبير وراء هذا الاكتشاف. لقد تزايد البحث عن رواسب الليثيوم الجديدة في جميع أنحاء العالم، حيث لا تزال أجزاء كبيرة من العالم لم تحظ بالقدر الكافي من الدراسة، ولأغراض تتعلق بعنصر الليثيوم، لا تزال عيناتها أقل من اللازم.

في بعض الأحيان ستكون الإمدادات الجديدة مخصصة لبدائل الليثيوم وليس الليثيوم نفسه. في حالة البطاريات، تشمل البدائل المحتملة ذات الصلة بطاريات المغنيسيوم المائي، وبطاريات الحالة الصلبة، والبطاريات القائمة على الصوديوم، وأنودات تيلوريد أنتيمون الصوديوم البينية، وبطاريات كبريت الصوديوم، وبطاريات مياه البحر، وبطاريات الجرافين، وبطاريات هيدروجين المنجنيز. أنا لا أحكم على أي من هذه الأساليب المحددة - أنا فقط أشير إلى أن هناك العديد من المجالات المحتملة لنجاح الابتكار.

ومن الجدير بالذكر أيضاً أن البحث عن الليثيوم يتراوح على نطاق واسع. من حين لآخر هناك تقارير عن وجود رواسب كبيرة من الليثيوم في أفغانستان، وتقوم حركة «طالبان» بالفعل ببيع حقوق التعدين هذه، وخاصة للصين. ومع ذلك فإن أفغانستان ليست المكان الأكثر ملاءمة للتجارة والتعدين، وذلك لأسباب واضحة. ومع ذلك، يوضح هذا المثال مدى قوة مرونة العرض. من الممكن أن تفشل جميع عمليات التنقيب الجارية عن الليثيوم، وأن أياً من بدائل الليثيوم هذه لن ينجح. لكن هذا غير محتمل. ومن هنا يأتي إيماني القوي بمرونة العرض.

باختصار، إذا كنت تريد المزيد من شيء ما، ادفع أكثر مقابل الحصول عليه. قد تبدو هذه النقطة تافهة، ولكن قِلة من غير الاقتصاديين يدمجونها بشكل ثابت في وجهات نظرهم العالمية. في الواقع، هناك تاريخ طويل من المتشائمين الذين يشعرون بالقلق إزاء نقص الموارد. صدر تقرير نادي روما بعنوان «حدود النمو» في عام 1972، وبلغ القلق بشأن الموارد ذروته في سبعينيات القرن العشرين. ومع ذلك، لم تتحقق سوى القليل من المخاوف التي سادت تلك الحقبة. بل إن المشكلة تكمن في أننا نستمر في العثور على المزيد من بعض الموارد، مثل الفحم والنفط، ونحرقها بشكل مفرط في الغلاف الجوي.

ومع ذلك، فإن نقص الليثيوم لم ينته بعد. في عام 2022، كان هناك 45 منجماً لعنصر الليثيوم في العالم، ومن المتوقع افتتاح 11 منجماً آخر هذا العام، بالإضافة إلى سبعة مناجم أخرى في عام 2024. وهذا تقدم، ولكن في حد ذاته، حتى مع هذا الاكتشاف الأميركي الجديد، من غير المرجح أن يلبي هذا التقدم الطلب المتزايد بسرعة على السيارات الكهربائية، ناهيك عن الاستخدامات الأخرى لبطاريات الليثيوم في أجهزة الكمبيوتر والأجهزة الأخرى. توقع أن تظل أسعار الليثيوم وفرص الاستكشاف قوية.

*أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج ماسون.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»