الكوارث الطبيعة قَدَرٌ إلهي يصيب شتى بلدان العالَم، سواء المتقدمة منها أو النامية، لكن ما يميز الدول المتقدمة هو قدرتها وإمكاناتها المادية الهائلة في معظم الأحيان على استشعار الكوارث قبل حدوثها، ما يعطي فرصةً لتنبيه السكان واتخاذ احتياطات للحماية أو لإجلاء الناس من المناطق المهددة بالكارثة قبل حدوثها، بينما قلَّ أن يحدث ذلك في الدول النامية.

لقد كشفتْ لنا الكوارثُ الطبيعة التي حدثت في الآونة الأخيرة حاجةَ الدول إلى وسائل أكثر فعالية في مواجهة الكوارث الطبيعية متكررة الحدوث في وقتنا الحالي.. إذ أثبتت هذه الكوارث ضرورةَ حيازة نُظم تقنية حديثة للإنذار المبكر بغية التنبؤ بما هو قادم من مخاطر وتهديدات طبيعية.

وفي ظل التكرار المتزايد لهذه الكوارث، يفترض أن يتضامن المجتمع الدولي بخطوات استباقية تجعل الدول النامية أكثر جاهزية للاستجابة السريعة لمعالجة الأزمات الطبيعية ومواجهة التداعيات المترتبة عليها قبل أن تقضي على البشر والشجر والعمران، وتشرد النساء والأطفال، وتدمر الممتلكات.. وتحوّل عشرات الآلاف في لحظة إلى نازحين بلا مأوى يحميهم من الحر والبرد. وهنا أتساءل: أين الدعم التقني الذي يتعين على الدول المتقدمة تقديمه لنظيرتها النامية في مجالات إدارة الأزمات؟

ويتعلق الأمر بتبادل الخبرات ونقل التقنيات عبر «بيوت خبرة»، من أجل تطوير آليات التصدي للكوارث، وبحث أفضل السبل لمواجهتها والاستفادة من تجارب سابقة في مواجهة هذا التحدي العالمي الكبير. وخلال الآونة الأخيرة، أدى التغير المناخي إلى وقوع كوارث متتالية طالت الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، ما جعل هذه الأخيرة في أمسِّ الحاجة لتطوير كفاءتها واستثمار قدراتها من أجل تقليل كلفة الخسائر في حال تعرضت للكوارث.

ومن المهم أن وقوع الكوارث يشكل في حد ذاته لحظة اختبار لتضامن المجتمع الدولي وتلاحمه من أجل مد يد العون للمتضررين، ضمن دافع إنساني لنجدة المنكوبين ومواساتهم في هذه اللحظات العصيبة. ولطالما شهدت الخبرة الإنسانية خسائر فادحة جراء الفيضانات والزلازل التي أودت بحياة آلاف البشر في البحار أو تحت الأنقاض، في ظل عدم توافر آليات متطورة للإنقاذ والتعامل مع حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية، لكن مع التقدم التقني باتت البشرية أكثر جاهزية للحد من الخسائر وأكثر مرونة في تقديم المساعدات وتقليل وتخفيف وطأة الكوارث. صحيح أن هذه الكوارث الطبيعية أكبر من إمكانيات كثير من الدول ومن قدراتها، لكنها تلفت انتباه الجميع حالياً إلى ضرورة توخي الحذر واتخاذ الاحتياطات الضرورية لمواجهة أي كوارث طبيعية مفاجئة في المستقبل.

أعان الله الجميع على تحمل الكوارث الأخيرة وتداعياتها، ولعلها تكون درساً لدول العالم قاطبةً كي تأخذ حذرها وتكون مستعدةً دائماً وأبداً تحسباً لمثل هذه الأحداث، بغيةَ التصدي لها ومعالجة آثارها إذا ما وقعت لا قدّر الله.

ورغم الفجيعة الكبرى، فإن المنظمات الدولية الإنسانية الأجنبية عليها تقديم المزيد من العون وعدم الاكتفاء بالتصريحات، بينما على الطرف المقابل استجابت الدول الخليجية فوراً للظرف الطارئ ومدت عدةَ جسور جوية من المساعدات الطبية ومعدات الإنقاذ والإغاثة والإيواء وفرق الدفاع المدني المتخصصة.. في موقف أخوي فعال وصادق في دعمه ومساندته ومواساته!

*كاتب سعودي