أكد وزيرا الطاقة التركي «ألب أرسلان بيرقدار» والعراقي «حيان عبد الغني»، على أهمية استئناف ضخ نفط إقليم كردستان العراق عبر خط الأنابيب الممتد إلى ميناء جيهان على الساحل التركي، بعد مرور أكثر من ستة أشهر على توقفه عن العمل، أي منذ 25 مارس الماضي، وذلك نظراً للخسائر الكبيرة التي يتحملها البلدان، إضافة إلى خسائر إقليم كردستان نفسه. 
وتبلغ الكميات المصدرة باستخدام هذا الخط نحو 475 ألف برميل يومياً، أي ما يمثل نحو 14% من مجموع صادرات العراق التي تصل 4.6 مليون برميل يومياً. ووفق تقدرات حكومة أربيل، تبلغ الخسائر جراء توقف الضخ أكثر من 4 مليارات دولار شهرياً، بينما تقدرها بغداد بنحو مليار دولار شهرياً. 
وكان الوزير التركي قد أعلن مؤخراً أن خط الأنابيب الذي سبق أن تعرض لأضرار جراء الزلزال الذي ضرب تركيا في فبراير الماضي، قد تم إصلاحه وصيانته، وأصبح جاهزاً من الناحية الفنية للتشغيل، ومؤهلاً لنقل النفط، وأن تحديد بدء استئناف الضخ ينتظر قراراً تتخذه حكومة بغداد بعد الاتفاق مع حكومة أربيل. والحقيقة أن هناك سلسلة مسائل مالية وخلافات ما تزال قائمةً بين البلدين، إضافة إلى مشكلات معقدة تتعلق بحقوق الشركات المنتجة والتعويضات عن التعطيل، وغرامات ورسوم مالية.. وكلها تتطلب مباحثات جدية للاتفاق على حلول ترضي الأطراف المعنية، قبل اتخاذ قرار استئناف ضخ النفط. 
ورغم الاتفاق المؤقت الذي وقِّع في أبريل الماضي بتسليم نفط كردستان إلى شركة «سومو» التي تتولى تصدير النفط العراقي، على أن يفتح حساب مستقل في البنك المركزي لعائداته، تديره حكومة الإقليم، فما تزال هناك مسائل عدة يجب الاتفاق بشأنها، ومنها حقوق الشركات التي تفرض عليها حكومة بغداد توقيعَ عقود معها، وهي تطالب بأن تشمل المفاوضات استرداد التكاليف والأرباح التي تستحقها بموجب عقود مشاركة الإنتاج. وذلك إضافة إلى خلاف أساسي يتعلق بتفسير بعض مواد دستور 2005، المتعلقة بالإنتاج وتقاسم العائدات. وينتظر أن يحسم هذا الخلافَ قانونُ النفط الجديد الذي تعهدت حكومة محمد شياع السوداني بإصداره، بعد الأخذ في الاعتبار آراء حكومة أربيل والمحافظات المنتجة، لجهة تحقيق «العدالة في توزيع الثروة»، خصوصاً أن المادة 112 من الدستور تفرِّق بين الحقول السابقة واللاحقة، بما يعني عدم أحقية الحكومة المركزية بالمشاركة في إدارة كل الحقول المكتشفة بعد عام 2005.
أما بالنسبة للمسائل الخلافية بين بغداد وأنقرة فهي كثيرة ومتعددة، ولعلّ أهمها تنفيذ قرار التحكيم الصادر عن غرفة التجارة الدولية بدفع تعويضات لبغداد عن الصادرات غير المصرح بها من الحكومة العراقية، والتي تمت بين عامي 2014 و2018 عن طريق ميناء جيهان التركي، وقيمتها نحو 1.47 مليار دولار. بينما تطالب أنقرة بدفع تكاليف نقل النفط المقدرة بنحو 13 دولاراً لكل برميل، وسحب الدعوة المقدمة إلى محكمة التحكيم الدولية لدفع تعويضات عن الفترة بين عامي 2018 و2022. هذا إضافة إلى مستحقات شركة النفط التركية التي تبلغ 7 دولارات لكل برميل. وكذلك بيع النفط للمصافي التركية بأسعار مخفضة.

*كاتب لبناني متخصص في الشؤون الاقتصادية