تواصل دولة الإمارات جهودَها لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة منذ اندلاع التطورات الأخيرة في السابع من أكتوبر الجاري، على خلفية الهجمات التي شنتها حركة «حماس» ضد المدن والقرى الإسرائيلية القريبة من القطاع، أو ما يسمى بعملية «طوفان الأقصى»، وما تلاها من قصف جوي إسرائيلي متواصل منذ ذلك الحين على غزة، أحدث خسائر بشرية كبيرة ودماراً هائلاً في البني التحتية في القطاع الذي يرزح سكانه حالياً تحت حصار شامل يمنع إدخال المساعدات الإنسانية إليه.
ومن هنا، جاء تأييد دولة الإمارات، العضو العربي الوحيد حالياً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لمشروع القرار الروسي الذي تم التصويت عليه في المجلس أمس الثلاثاء، والذي يحتوي على نداء لوقف فوري ومستدام لإطلاق النار، وهو أمر بالغ الأهمية لتخفيف معاناة الإخوة الفلسطينيين المحاصرين في غزة. لكن المؤسف أن القرار لم يتم تبنيه في ظل رفضه من قبل كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا واليابان، وقد أيده بجانب الإمارات كل من روسيا والصين والغابون وموزمبيق، فيما امتنعت ألبانيا والبرازيل وغانا ومالطا وسويسرا والإكوادور عن التصويت، وبهذا لم يحصل القرار على الأصوات التسعة المطلوبة لتمريره. 
ويعكس فشل مجلس الأمن في تبني مشروع القرار الروسي الانقسامات الخطيرة الحاصلة في المجلس، والتي تعوقه عن القيام بدور فاعل في معالجة أزمة إنسانية خطيرة يعاني منها قطاع غزة، وتسعى دولة الإمارات إلى التخفيف من معاناة قاطنيه في أسرع وقت ممكن. وقد تأسس تأييد الإمارات لهذا المشروع على كونه مشروعاً متوازناً، حيث إنه يدين بشدة العنف والأعمال العسكرية ضد المدنيين السلميين، وكذلك جميع أعمال الإرهاب، ويدعو إلى إطلاق سراح جميع الرهائن بشكل آمن، وبالإضافة إلى ذلك يدعو إلى توفير وتوسيع إيصال المساعدة الإنسانية بدون عقبات، وإلى توفير ظروف لإجلاء الأفراد المدنيين.
وتعكس الكلمة التي ألقتها معالي السفيرة لانا زكي نسيبة، المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، خلال المداولات التي جرت في مجلس الأمن بخصوص مشروع القرار الروسي، الأهميةَ القصوى التي تعطيها دولة الإمارات لمعالجة الأوضاع في قطاع غزة، حيث شددت على أن «المدنيين في غزة يواجهون حرباً هوجاء من دون ملاذ آمن»، وقد كان هذا التعبير محل اهتمام كبير من قبل العديد من وسائل الإعلام العربية. وطالبت نسيبة بوضع إطار لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة بشكل آمن وبدون عراقيل، ووفقاً لما أكدته فإن «الدعوة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة أمر أساسي لتحقيق كل الأهداف الإنسانية».
وفي الواقع، فإن الموقف الإماراتي الهادف إلى تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني في غزة واضح للغاية، وقد عبر عنه كذلك معالي صقر غباش، رئيس المجلس الوطني الاتحادي في الاجتماع الطارئ الافتراضي لمؤتمر اتحادِ مجالس الدول الأعضاء في منظمةِ التعاونِ الإسلامي، إذ أكد في كلمته أن «دولة الإمارات تولي الأهمية القصوى لتكاتف جميع الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني في غزة وفتح الممرات، وإيصال جميع المساعدات الإنسانية الطبية والغذائية لهم وبشكل فوري».
هذه المواقف التي تقودها دولة الإمارات إقليمياً ودولياً تنطلق من التزام راسخ من قبل الدولة وقيادتها الرشيدة بمبادئ الأخوةِ والتضامنِ مع الأشقاء في جميعِ الأوقاتِ والظروف، وهي المبادئ التي تشكل الركيزة الأساسية للسياسة الخارجية للدولة منذ تأسيسها تجاه قضايا العالم العربي، باعتباره الدائرة الاستراتيجية الأكثر أهمية للإمارات أمس واليوم وغداً. 

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية