تتعاظم أهمية تفعيل التعاون الدولي للحد من الكوارث الطبيعية في ظل تنامي خطر هذه الكوارث بفعل كثير من العوامل الأساسية، أبرزها التأثيرات السلبية لظاهرة التغير المناخي التي تُعدّ من التحديات الكبرى التي تواجه العالم خلال المرحلة الحالية، وتتطلّب حشد الجهود الإقليمية والدولية للتصدي لها بشكل فاعل. 
وتكتسب الجهود الرامية إلى الحد من الكوارث الطبيعية أهميتَها الخاصة من حقيقة أن هذه الكوارث هي السبب الرئيسي في نزوح الملايين، ودمار بنى تحتية بالمليارات، وخراب أنظمة بيئية واندثار حضارات. ويبرز في هذا السياق الدور الحيوي المأمول للمؤسسات والمنظمات المعنية فيما يتعلق بقدرتها على التنبؤ بمثل تلك الكوارث في المستقبل في ظل المعطيات المتاحة، حتى يمكن التعامل الناجح مع تأثيراتها السلبية، وما تسبّبه من خسائر فادحة حين وقوعها. 
وقد احتفى العالم في 13 أكتوبر الجاري باليوم العالمي للحد من الكوارث، وشاركت دولةُ الإمارات دولَ العالم الأخرى الاحتفاءَ بهذه المناسبة التي تعود إلى دعوة أطلقتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989 ترمي إلى تعزيز التوعية بمخاطر الكوارث وكيفية الحد من تأثيراتها السلبية على العالم، وتركز الاهتمام هذا العام على العلاقة القائمة بين الكوارث وعدم المساواة، إذ يحدُّ تدني إمكانات المجتمعات الفقيرة من قدرتها على مكافحة الكوارث الطبيعية والوقاية منها. 
وفي الواقع، فإن دولة الإمارات التي تُعدّ حجر الأساس في بناء المنظومة العالمية لمواجهة تداعيات الكوارث الطبيعية، تقدّم نموذجاً ملهماً في الاستعداد والجاهزية للتعامل الناجح مع حالات الكوارث، وتتولى «الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث» مسؤولية تنسيق ووضع المعايير والأنظمة اللازمة، وإعداد خطة وطنية موحدة للاستجابة لحالات الطوارئ، فضلاً عن عملها على إنشاء مركز للتنبؤ بوقوع الأزمات. وتُولي الإمارات أهميةً خاصة للتعاون الدولي وتضافر الجهود الجماعية للحد من آثار الكوارث الطبيعية. 
وتبرز ضمن جهود دولة الإمارات للحد من الكوارث الطبيعية على الصعيد الدولي مبادراتها الإنسانية التي تستند إلى التزام أخلاقي راسخ تجاه ضحايا هذه الكوارث والمتأثرين بتداعياتها السلبية، وهي في هذا السياق تهرع على الدوام إلى تقديم يد العون والإغاثة والمساعدة لمستحقيها دون تمييز لجنس أو عِرق أو دين، حيث المبادئ الإنسانية هي المعيار الوحيد لتقديم المساعدة.
وتواصلت خلال العام الجاري جهود دولة الإمارات الفاعلة لمساندة ضحايا الكوارث الطبيعية، كما اتضح من خلال دورها الكبير لدعم ضحايا الزلازل التي ضربت كلّاً من سوريا وتركيا والمغرب، حيث دشّنت جسوراً جوية بمساعدات إنسانية وفِرَق إنقاذ عاجلة، كما كان للدولة دورها الفاعل في مساندة ضحايا إعصار «دانيال» الذي ضرب ليبيا، وخلال الشهر الجاري أرسلت دولة الإمارات مساعدات طارئة لإغاثة متضرري الزلزال الذي ضرب إقليم هرات بأفغانستان.
وممّا لا شك فيه أن الاستجابة الإماراتية العاجلة لمساعدة الدول التي تتعرّض للكوارث الطبيعية، ترسّخ النموذجَ الإماراتي الرائدَ في مواجهة هذه الكوارث، وهي بطبيعة الحال تسهم في التخفيف من معاناة الضحايا، وتقدّم دليلاً ساطعاً على الدور الحيوي الذي تقوم به دولة الإمارات لتفعيل الجهود الدولية لمواجهة التحديات الإنسانية الطارئة، خصوصاً في ظل ما تتميز به هذه الاستجابة من تنوع وجودة وقدرة فاعلة على الوصول المبكر للمستهدفين.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية