كتبت إيلين مور مقالاً أعربت فيه عن أسفها على مضيفي منصة «إير بي إن بي» (Airbnb)، قائلةً إنهم يواجهون شكوى من الجيران لأعوام عدة، مع منافسة مساكن مدرجة مزيفة، وضيوفاً سيئين عازمين على إقامة حفلات صاخبة.. والآن يجب عليهم التعامل مع إجراءات صارمة من المدينة ومطالبات بخفض أسعارهم.
و«إيربي إن بي» هي منصة عالمية لحجز وتأجير الإقامات المؤقتة والمشاركة في المنازل والشقق السكنية. وقد يكون لها تأثير في سوق الإيجار وتوفر الإسكان في بعض المدن. ومع ذلك، فإن تفاقم مشكلة نقص المساكن حول العالم ليست مسؤولية حصرية لمنصة «إيربي إن بي»، بل يعود إلى عوامل أخرى متعددة تؤثر على سوق العقارات والإيجار، والتي من أهمها زيادة الطلب على الإسكان في بعض المدن والأحياء «الشعبية والسياحية»، مما يؤدي إلى نقص المساكن، بينما يوجد توجه متزايد نحو السفر والسياحة مما يرفع عدد الزائرين في المدن، بالإضافة إلى تزايد استخدام منصات مشاركة الإقامة المؤقتة، وعلى رأسها «إيربي إن بي»، وهو ما يعني أن بعض العقارات التي كانت متوفرة للإيجار السنوي تم تحويلها إلى إيجار قصير الأجل، وهذا يؤدي إلى نقص العرض المتاح للإيجار السنوي. كما أن بعض السياسات الحكومية قد تؤثر على سوق العقارات وتسهم في تفاقم مشكلة نقص المساكن، حيث تشمل هذه السياسات قوانين الإيجار والتشريعات المتعلقة بتأجير الشقق لفترات قصيرة.
في الحقيقة يمكن أن يلعب الاستثمار العقاري دوراً في تفاقم مشكلة نقص المساكن، حيث يتم شراء العقارات وتحويلها إلى وحدات سكنية قصيرة الأجل من أجل زيادة العائد المالي، لذا من الضروري أن تتعامل المدن والحكومات مع هذه المشكلة من خلال تدابير لضمان توفر الإسكان الملائم والمستدام، وتشمل هذه التدابير تنظيم الإيجار وتنفيذ سياسات الإسكان العمومي وتشجيع بناء المساكن الاجتماعية وتعزيز التنمية العقارية المستدامة.
وهناك عدد من النقاط الإضافية المتعلقة بتأثير «إيربي إن بي» ومشكلة نقص المساكن، كتهجير السكان طويلي الأجل من الوجهات السياحية الشهيرة، مما يسهم في انتشار التأجير قصير الأجل عبر منصات مثل «إيربي إن بي». كما يمكن لأصحاب العقارات أن يجدوا أن الأرباح تمكنهم من تحويل وحداتهم إلى إقامات سياحية، مما يؤدي إلى انخفاض توافر المساكن للسكان المحليين، وهذا يؤدي إلى ارتفاع أسعار الإيجار ويجعل من الصعب على الأفراد والأسر ذوي الدخل المنخفض إيجاد خيارات سكنية بأسعار معقولة.
وجود عدد كبير من التأجير قصير الأجل يمكن أن يؤثر على نسيج المجتمعات، مع وجود تدفق مستمر من السياح والمستأجرين المؤقتين، مما يقلل الاستقرار ويضعف الشعور بالمجتمع، وهذا بدوره يؤثر على التفاعلات والمشاركات المجتمعية ويزيل طابع الحي بشكل عام. والتأجير قصير الأجل يمكن أن يمثل تحدياً معقداً وصعباً بالنسبة للحكومات المحلية، وذلك لصعوبة التوازن بين السماح لأصحاب المنازل بالاستفادة من مشاركة مساحاتهم، وضمان توفر المساكن طويلة الأجل بأسعار معقولة، إذ قامت بعض المدن باستحداث بعض القواعد، مثل تحديد عدد الأيام التي يمكن استئجار العقار فيها، ومتطلبات الترخيص، وقيود التخطيط لضبط الإيجار قصير الأجل.
واستجابةً للانتقادات والمخاوف المتعلقة بنقص المساكن، قامت «إيربي إن بي» باتخاذ خطوات لمعالجة هذه المسألة، حيث تبنت مبادرات معينة، مثل التعاون مع المدن لفرض اللوائح المحلية، وتحديد عدد الأشخاص المسموح لهم بالإقامة، وتوفير أدوات للمضيفين لضمان الامتثال للقوانين المحلية.
ويذكر أن تأثير «إيربي إن بي»، ومنصات التأجير قصيرة الأجل الأخرى المشابهة، على نقص المساكن، يمكن أن يختلف بشكل كبير من منطقة إلى أخرى، حيث يتأثر الموضوع بعوامل مختلفة، بما في ذلك السوق العقارية المحلية والطلب السياحي وسياسات الحكومة. لذا تتطلب معالجة مشكلة نقص المساكن مقاربةً متعددة الجوانب والتوجهات.

*كاتبة وروائية سعودية