تتصدر دولة الإمارات العربية المتحدة، الدول السباقة في ما تقدمه من منجزات في مختلف القضايا الإنسانية، والداعمة لقضايا الكرامة الإنسانية، وكذلك الأمر فيما يستجد من مستحدثات، و«حالات طوارئ عالمية»، والتي تعتبر قضايا المناخ أحدها في الوقت الحالي، الأمر الذي شكل حلقة وصل ناجحة جعلت دولة الإمارات تحظى باستضافة مؤتمر الدول الموقعة على الاتفاقية الإطارية المتعلقة بتغير المناخ في دورتها الثامنة والعشرين COP28، سيما بعد ما سطرته من إنجازات في مجال الطاقة، وتوسيع دائرة المبادرات والاتفاقيات، والعلاقات الديبلوماسية ذات الصلة بالمناخ، فالإمارات من أكبر المستثمرين في مشروعات الطاقة المتجددة على مستوى العالم، إذ تلتزم بتخصيص 100 مليار دولار بحلول عام 2030 لمشروعات متعددة في ما ينوف على 70 دولة، كما تعمل على تمكين المجتمعات في مختلف أنحاء العالم وإيصال الحلول المستدامة إليها من خلال مبادرات مثل جائزة زايد للاستدامة.


كما تعمل الإمارات على بناء استراتيجية شاملة في مجال الحفز المناخي، ذلك بما يضم كافة القطاعات والمجالات داخل الدولة، والتي توجت بالمبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول العام 2050، واضعةً نصب عينيها خفض الانبعاثات وتحقيق الحياد المناخي كهدف رئيس واستراتيجي، إضافةً لتثبيت هذا الهدف ضمن مبادئها العشرة للخمسين عاماً الجديدة، وصولاً لمئوية باهية، تحترم أسس التنمية المستدامة بالتزامن والازدهار الاقتصادي في مجتمعات «خضراء» نظيفة وصديقة للبيئة.
كل هذه السياسات تجتمع مع تنسيق الجهود التي تسمح بتضمين القيادات الدينية ضمن الأعضاء النشطة في تحقيق هذا المشروع الإنساني الكبير، إذ تضطلع وزارة التغير المناخي والبيئة، بإدارة وتنسيق الجهود الرامية لتحقيق الحياد المناخي، بما يضمن التكامل على المستوى الوطني لتنفيذ هذا القرار، إذ تقوم كافة الجهات المعنية في القطاعات الرئيسية: (الطاقة، والاقتصاد، والصناعة، والبنية التحتية، والنقل، والنفايات، والزراعة، والبيئة) بتحديث الخطط والاستراتيجيات والسياسات ذات العلاقة وتنفيذ المبادرات والمشاريع التي من شأنها تحقيق الحياد المناخي مع حلول 2050 بما يتماشى مع احتياجات ومتطلبات النمو في مختلف القطاعات.
ولا تقتصر الإرادة الإماراتية على بث الوعي المجتمعي، والتحسيس بخطورة الوضع الحالي فحسب، بل تتطلع لنشر تجربة متكاملة تقوم على مبدأ الحفز المناخي، وتعزيز سبل الاستدامة بالتزامن مع الحفاظ على الوتيرة الاقتصادية، ونسج شبكة ممتدة وغنية بالفرص الشبابية.
وفي الوقت ذاته تعتبر العناية الإماراتية في القضايا البيئية جزءً لا يتجزأ من توجهاتها حثيثة الاهتمام بكافة القضايا الداعمة للإنسان، وما يمتد منها من إشكاليات ومستجدات، إذ عرفت بجهودها الإغاثية لبني الإنسان جراء الصراعات، والنزاعات، والكوارث الطبيعية، التي باتت تزيد من وطأتها وتداعياتها في الآونة الأخيرة. كما لم تتوانى الدولة في اتخاذ الإجراءات ذات الطابع العالمي في التصدي لتحديات المجتمعات الإنسانية المناخية، فكانت أول دولة في المنطقة تصادق على اتفاق باريس لعام 2015م، وأولى الدول في المنطقة التي تعلن عن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.

وتسعى الإمارات على الدوام لتجديد الخطط المتعلقة بزيادة المساحة الخضراء، إذ يتوقع أن تصل إلى 100 مليون شجرة قرم مزروعة بحلول 2030، من أجل المساهمة الفعالة في الحد من تداعيات المناخ، والمساهمة في تعزيز التنوع البيولوجي. 

ولأن الطموح الفعلي والفعال على أرض الواقع لا يكون بلا تأسيس فكري ومعرفي، ولا يمكن ضمان استمراريته بلا دعامات تقوم على مبادئ وأسس قوية، فإن الإمارات راعت في إطلاق مشاريعها كافةً، والمناخية البيئية بشكل خاص، التأسيس وبناء الاستعداد النفسي والثقافي والفكري والتربوي لذلك من خلال تفعيل دور كل القيادات المؤثرة دينياً وثقافياً وفكرياً وفنياً وعلمياً وغيرها في حفز الوعي المناخي، سيما أنه وفي المجتمعات العربية يتفق الجميع على أثر النصوص التشريعية على التوجه السلوكي للأفراد، ومن جهة ثانية فإن القيادة السيادية الإماراتية بحد ذاتها تشجع على الاستثمار الفكري والابتكار العلمي النموذجي، وذلك من خلال ما توفره من دعم سخي ورعاية سامية فرضت تميزها محلياً وعلمياً.

*أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة