تأكدت خلال كل يوم من الأيام المنقضية لمؤتمر الأمم المتحدة (أو مؤتمر الأطراف) الـ28 حول تغير المناخ، أهمية استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة لهذا المؤتمر، لاسيما في وقت أعلنت فيه المنظمة الدولية ارتفاعَ درجة حرارة الكرة الأرضية إلى مستويات قياسية تنذر بالخطر على مستقبل البشرية، في ظل ارتفاع وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة التي تؤثر على سكان العالم.

ولذا تعلق الأمم المتحدة أمالاً كبيرةً على نجاح قادة وزعماء العالم المشاركين في المؤتمر في إدراك المخاطر القادمة على البشرية والاتفاق على تصحيح المسار وتسريع العمل لمعالجة أزمة المناخ من خلال الحد بشكل كبير من الانبعاثات وحماية الأرواح وحياة البشر.

وتؤكد الأمم المتحدة، وتتضامن معها قيادة دولة الإمارات في هذا الموقف، أن الحقائق العلمية واضحة في هذا المجال إذ تشير إلى أنه من أجل الحفاظ على مناخ صالح للعيش، لا بد أن يتراجع إنتاج الفحم والنفط والغاز بسرعة، ولا بد أن تتضاعف قدرة الطاقة المتجددة العالمية بما في ذلك الطاقة الرياحية والشمسية والمائية والطاقة الحرارية الأرضية إلى ثلاثة أمثالها بحلول عام 2030.

ومع اليوم الأول لانطلاق فعاليات المؤتمر اتضح الجهد الضخم الذي بذلته رئاسة المؤتمر خلال اثنيْ عشر شهراً الماضية والذي أسفر عن نجاحات منقطعة النظير لم تحدث خلال المؤتمرات الماضية. وباكورة تلك النجاحات كان الاتفاق الجماعي العالمي على اعتماد جدول الأعمال في الساعة الأولى من اليوم الأول لمؤتمر الأطراف، وهو أمر لم يحدث على الأقل خلال 12 عاماً الماضية.

أضف إلى ذلك دعوة دولة الإمارات إلى ضرورة تركيز دول العالم على الخطر المتوقع على المرأة في ظل تقارير منظمة العمل الدولية بأن هناك 1.2 مليار وظيفة مهدَّدَة بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري والتدهور البيئي، حيث ستكون المرأةُ الخاسرَ الأكبر في هذه الأزمة بسبب تمثيلها العالي في القطاعات الأكثر عرضةً لتداعيات التغير المناخي. ولذا جاءت المبادرة العالمية الأولى من نوعها بتنظيم يوم المساواة بين الجنسين في المؤتمر، لإجراء حوار رفيع المستوى لتعزيز التحولات العادلة المراعية للنوع الاجتماعي لدعم تنفيذ اتفاق باريس.

كما تم الإفصاح في «كوب 28» عن «إعلان الإمارات بشأن المناخ والصحة»، الذي يضع الصحةَ في قلب العمل المناخي ويرمي لتسريع تطوير مجتمعات مستدامة قادرة على التكيف مع المناخ. ويعد هذا الإعلان، الذي أقرته 123 دولة، أول إعلان على مستوى العالم تعترف فيه الحكومات بالآثار الصحية المتزايدة لتغير المناخ على المجتمعات والدول. كما تعترف بالفوائد الكبيرة التي تعود على صحة الناس نتيجة حماية المناخ، بما في ذلك عن طريق الحد من تلوث الهواء وخفض تكاليف الرعاية الصحية، ناهيك عن التوافق التاريخي بين الولايات المتحدة والصين على مضاعفة قدرة مصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات وخفض انبعاثات قطاع الطاقة بحلول عام 2030، إلى جانب الالتزام بالحد بشكل عاجل من انبعاثات غاز الميثان ومعالجة جميع الغازات الدفيئة.

تلك بعض الإنجازات التاريخية التي تحققت تحت قيادة الإمارات لكوب 28، والتي تؤكد مدى جديتها في تحويل بوصلة العالم نحو ضرورة حماية مناخ الأرض لتوفير مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

*باحث إماراتي